الطبقة الثانية من الخائفين أن يتمثل في أنفسهم ما هو المكروه وذلك مثل سكرات الموت ، وشدته ، أو سؤال منكر ونكير أو عذاب القبر أو هول المطلع أو هيبة الموقف بين يدي الله تعالى والحياء من كشف الستر والسؤال عن النقير والقطمير أو الخوف من الصراط وحدته وكيفية العبور عليه أو الخوف من النار وأغلالها وأهوالها أو الخوف من الحرمان عن الجنة دار النعيم والملك المقيم وعن نقصان الدرجات أو الخوف من الحجاب عن الله تعالى وكل هذه الأسباب مكروهة في نفسها ، فهي لا محالة مخوفة تختلف أحوال الخائفين فيها ،
وأعلاها رتبة هو وهو خوف العارفين ، وما قبل ذلك هو خوف ، العاملين والصالحين ، والزاهدين ، وكافة العالمين ومن لم تكمل معرفته ، ولم تنفتح بصيرته لم يشعر بلذة الوصال ، ولا بألم البعد والفراق ، وإذا ذكر له أن العارف لا يخاف النار وإنما يخاف الحجاب وجد ذلك في باطنه منكرا ، وتعجب منه في نفسه وربما أنكر لذة النظر إلى وجه الله الكريم لولا منع الشرع إياه من إنكاره ، فيكون اعترافه به باللسان عن ضرورة التقليد ، وإلا فباطنه لا يصدق به ؛ لأنه لا يعرف إلا لذة البطن ، والفرج ، والعين بالنظر إلى الألوان والوجوه الحسان ، وبالجملة كل لذة تشاركه فيها البهائم ، فأما لذة العارفين فلا يدركها غيرهم وتفصيل ذلك وشرحه حرام مع من ليس أهلا له ، ومن كان أهلا له استبصر بنفسه ، واستغنى عن أن يشرحه له غيره ، فإلى هذه الأقسام يرجع خوف الخائفين نسأل الله تعالى حسن التوفيق بكرمه خوف الفراق ، والحجاب عن الله تعالى
.