الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقد قطع الله تعالى بالمزيد مع الشكر ولم يستثن فقال تعالى لئن شكرتم لأزيدنكم واستثنى في خمسة أشياء : في الإغناء والإجابة والرزق والمغفرة والتوبة ، فقال تعالى : فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء ، وقال فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ، وقال يرزق من يشاء بغير حساب وقال: ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ، وقال ويتوب الله على من يشاء وهو خلق من أخلاق الربوبية إذ قال تعالى : والله شكور حليم وقد جعل الله الشكر مفتاح كلام أهل الجنة فقال تعالى : وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده وقال : وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين .

التالي السابق


(وقد قطع الله تعالى بالمزيد مع الشكر ولم يستثن) فيه (فقال) وإذ تأذن ربكم ( لئن شكرتم لأزيدنكم) ولئن كفرتم إن عذابي لشديد ، (واستثنى في خمسة أشياء: في الإغناء والإجابة والرزق والمغفرة والتوبة، فقال تعالى: فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء ، وقال) تعالى: ( فيكشف ما تدعون إليه إن شاء ، وقال) تعالى: ( يرزق من يشاء ، وقال) تعالى ( ويتوب الله على من يشاء ) ، وقال أيضا: ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء ، فالشاكر على مزيد، والشكور في نهاية المزيد، وهو الذي يكثر شكره على القليل من العطاء، ويتكرر منه الشكر والثناء على الشيء الواحد من النعم .

(وهو خلق من أخلاق الربوبية إذ قال تعالى: والله شكور حليم ) ، لأنه سماه باسم من أسمائه، والمزيد هو إلى المنعم يجعله ما شاء، فأفضل المزيد حسن اليقين، ومشاهدة الصفات، وأول المزيد شهود النعمة أنها من المنعم بها من غير حول ولا قوة إلا بالله، وأوسط المزيد دوام الحال، ومتابعة الخدمة والاستعمال، وقد يكون المزيد أخلاقا، وقد يكون علوما، وقد يكون في الآخرة تثبيتا عند فراق الدنيا. وقال صاحب البصائر: وإذا وصف الله بالشكر في قوله: والله شكور حليم فإنما يعني به إنعامه على عباده، وجزاءه بما أقامه من العبادة .

(وقد جعل الله الشكر مفتاح كلام أهل الجنة) وختام تمنيهم (فقال تعالى: وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده) نتبوأ من الجنة حيث نشاء (وقال: وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) ، فلولا أنه أحب الأعمال إليه ما بقاهم عليه لديه .



ومما يدل على فضيلة الشكر [ ص: 47 ] من الآيات قوله تعالى: اعملوا آل داود شكرا ، واختلف فيه فقيل هو منصوب على التمييز، والمعنى: اعملوا ما تعملونه شكرا لله، وقيل: هو مفعول لقوله "اعملوا: ولم يقل: اشكروا لينبه على التزام الأنواع الثلاثة من الشكر بالقلب واللسان وسائر الجوارح، وقال الله تعالى: واشكروا لله إن كنتم إياه تعبدون ، وقال تعالى: والله أخرجكم من بطون أمهاتكم ، إلى قوله: لعلكم تشكرون ، وقال تعالى: إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ، وقال تعالى: وإن تشكروا يرضه لكم فجعل رضاه عن عباده مشروطا بالشكر وهي منقبة عظيمة له .




الخدمات العلمية