الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              المسألة الثامنة

              وذلك أن مخالفة ما تهوى الأنفس شاق عليها ، وصعب خروجها عنه ، ولذلك بلغ أهل الهوى في مساعدته مبالغ لا يبلغها غيرهم ، وكفى شاهدا على ذلك حال المحبين ، وحال من بعث إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المشركين وأهل الكتاب ، وغيرهم ممن صمم على ما هو عليه ، حتى رضوا بإهلاك النفوس والأموال ، ولم يرضوا بمخالفة الهوى ، حتى قال تعالى : أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علم [ الجاثية : 23 ] .

              وقال : إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس [ النجم : 23 ] .

              وقال : أفمن كان على بينة من ربه كمن زين له سوء عمله واتبعوا أهواءهم [ محمد : 14 ] .

              وما أشبه ذلك .

              ولكن الشارع إنما قصد بوضع الشريعة إخراج المكلف عن اتباع هواه; حتى يكون عبدا لله; فإذا مخالفة الهوى ليست من المشقات المعتبرة في التكليف ، وإن كانت شاقة في مجاري العادات ، إذ لو كانت معتبرة حتى يشرع التخفيف لأجل ذلك; لكان ذلك نقضا لما وضعت الشريعة له ، وذلك باطل ، فما أدى إليه مثله ، وبيان هذا المعنى مذكور بعد إن شاء الله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية