الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وقوله تعالى : وقالوا لن تمسنا النار إلا أياما معدودة قيل في معنى معدودة : إنها قليلة ، كقوله : وشروه بثمن بخس دراهم معدودة أي قليلة وقال ابن عباس وقتادة في قوله أياما معدودة إنها أربعون يوما مقدار ما عبدوا العجل ، وقال الحسن ومجاهد : سبعة أيام وقال تعالى : كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون أياما معدودات فسمى أيام الصوم في هذه الآية معدودات وأيام الشهر كله ، وقد احتج شيوخنا لأقل مدة الحيض وأكثره أنها ثلاثة وعشرة بقول النبي صلى الله عليه وسلم : المستحاضة تدع الصلاة أيام أقرائها .

وفي بعض الألفاظ : دعي الصلاة أيام حيضك واستدلوا بذلك على أن مدة الحيض تسمى أياما وأقلها ثلاثة وأكثرها عشرة ؛ لأن ما دون الثلاثة يقال يوم أو يومان وما زاد على العشرة يقال فيه أحد عشر يوما ، وإنما يتناول هذا الاسم ما بين الثلاثة إلى العشرة ، فدل ذلك على مقدار أقله وأكثره فمن الناس من يعترض على هذا الاستدلال بقوله : أياما معدودات وهي أيام الشهر ، وقوله : إلا أياما معدودة وقد قيل [ ص: 47 ] فيه أربعون يوما وهذا عندنا لا يقدح في استدلالهم ؛ لأن قوله تعالى أياما معدودات جائز أن يريد به أياما قليلة كقوله : دراهم معدودة يعني قليلة ، ولم يرد به تحديد العدد وتوقيت مقداره ، وإنما المراد به أنه لم يفرض عليهم من الصوم ما يشتد ويصعب ويحتمل أن يريد به وقتا مبهما كقولهم : أيام بني أمية ، وأيام الحجاج ، ولا يراد به تحديد الأيام وإنما المراد به زمان ملكهم وقوله عليه السلام : دعي الصلاة أيام أقرائك قد أريد به لا محالة تحديد الأيام ، إذ لا بد من أن يكون للحيض وقت معين مخصوص لا يتجاوزه ولا يقصر عنه ، فمتى أضيف ذكر الأيام إلى عدد مخصوص يتناول ما بين الثلاثة إلى العشرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية