الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : فإذا ثبت ما وصفنا ودام بها يوما وليلة فصاعدا فعلى ثلاثة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يكون دما أسود .

                                                                                                                                            والثاني : أن يكون دما أصفر أو أحمر .

                                                                                                                                            والثالث : أن يكون مختلفا بعضه أسود وبعضه أصفر ، فإن كان دما أسود فهو حيض ما لم يجاوز خمسة عشر يوما ، وإن كان دما أصفر ففيه وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قول أبي سعيد الإصطخري وأبي إسحاق المروزي لا يكون حيضا ، ويكون دم فساد ، وأما أبو سعيد فعلى أصله في أنه موجود في غير أيام العادة ، وأما أبو إسحاق فلأنه قد خلا من علامتي الحيض . [ ص: 407 ] والوجه الثاني : وهو قول أبي العباس يكون حيضا ، وهو قول الأكثرين من أصحاب الشافعي لوجود الدم في زمان يمكن أن يكون فيه حيضا وإن كان مختلفا فعلى أربعة أقسام :

                                                                                                                                            أحدها : أن يتقدم السواد ثم تتعقبه الصفرة مثاله : أن ترى خمسة أيام دما أسود وخمسة أيام دما أصفر فمذهب الشافعي وجمهور أصحابه تكون العشرة كلها حيضا لوجود الدمين في زمان يمكن أن يكون حيضا ، وعلى مذهب أبي سعيد الإصطخري يكون حيضها خمسة أيام زمان الدم الأسود ، ولا تكون الصفرة حيضا : لأن المبتدأة ليست لها عادة فصارت الصفرة موجودة في غير زمان العادة .

                                                                                                                                            والقسم الثاني : أن تتقدم الصفرة ثم يتعقبها السواد مثاله : أن ترى خمسة أيام دما أصفر وخمسة أيام دما أسود فعلى مذهب أبي العباس تكون العشرة كلها حيضا ما تقدم من الصفرة ، وما تعقب من السواد على مذهب أبي سعيد الإصطخري وأبي إسحاق المروزي يكون حيضها الخمسة السواد دون الصفرة المتقدمة أما أبو سعيد فعلى أصله في أنه موجود في غير أيام العادة ، فأما أبو إسحاق فعلى أصله في أن الصفرة إذا تعقبها سواد لم تكن حيضا .

                                                                                                                                            والقسم الثالث : أن يتوسط السواد بين دمي الصفرة ، مثاله : أن ترى خمسة أيام دما أصفر وخمسة أيام دما أسود ، وخمسة أيام دما أصفر ، فعلى مذهب أبي العباس يكون حيضها خمسة عشر يوما زمان الدماء الثلاثة لوجودها في زمان يمكن أن يكون حيضا ، وعلى قول أبي سعيد خمسة أيام هي زمان الدم الأسود ، ولا يكون ما تقدم من الصفرة ولا ما تأخر حيضا لوجودهما في غير أيام العادة ، وعلى قول أبي إسحاق حيضها عشرة أيام الخمسة السواد ، والخمسة الصفرة المتأخرة ، ولا تكون الصفرة المتقدمة حيضا لما يعقبها من السواد .

                                                                                                                                            والقسم الرابع : أن تتوسط الصفرة بين دم السواد مثاله : أن ترى خمسة أيام دما أسود وخمسة أيام دما أصفر وخمسة أيام دما أسود ، فعلى مذهب أبي العباس حيضها خمسة عشر يوما زمان الدماء الثلاثة لوجودها في زمان يمكن أن يكون حيضا ، وعلى قول أبي سعيد حيضها عشرة أيام زمان الدمين الأسودين الأول والأخر وزمان الصفرة المتوسطة طهر لمفارقتها أيام العادة ، وعلى قول أبي إسحاق تكون الخمسة الصفرة لما تعقبها من السواد كطهر التلفيق .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية