الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
14 - باب ما تحمل العاقلة

16287 - أخبرنا أبو سعيد ، حدثنا أبو العباس ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، قال: "قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية على العاقلة ، قضى في الجنين بغرة ، وقضى به على العاقلة ، فإذا قضى بالدية على العاقلة حين كانت دية ونصف عشر الدية على العاقلة ، حين كان نصف عشر الدية لأنهما معا من الخطأ ، فكذلك يقضى لكل خطأ ، والله أعلم ، وإن كان درهما واحدا" .

16288 - وقال أبو حنيفة : يقضى عليهم بنصف عشر الدية ، ولا يقضى عليهم بما دونه ، لأنه لا يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى فيما دون نصف العشر بشيء .

16289 - قيل له: فإن كنت إنما اتبعت الخبر فقلت: أجعل الجنايات على جانيها إلا ما كان فيه خير لزمك أن تقول: إن جنى جان ما فيه دية أو ما فيه نصف عشر دية فهي على عاقلته ، وإذا جنى ما هو أقل من دية وأكثر من نصف عشر الدية ففي ماله حتى تكون امتنعت من القياس عليه. ثم ساق الكلام إلى أن قال: وإذا قضى النبي صلى الله عليه وسلم أن العاقلة تعقل خطأ الحر في الأكثر قضينا به في الأقل ، والله أعلم .

16290 - قال الشافعي : وقال بعض من ذهب إلى أن تعقل العاقلة الثلث ولا تعقل ما دونه ، فإن يحيى بن سعيد قال: من الأمر القديم أن تعقل العاقلة الثلث فصاعدا .

16291 - قلنا: القديم قد يكون ممن يقتدى به ويلزم قوله ، ويكون من الولاة الذين لا يقتدى بهم ، ولا يلزم قولهم فمن أي هذا هو؟ ، [ ص: 158 ] .

16292 - قال: أظن به أعلاها وأرفعها .

16293 - قلت: أفنترك اليقين أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بنصف عشر الدية على العاقلة لظن ، ليس ما أمرنا لو لم يكن في هذا إلا القياس ما تركنا القياس بالظن .

16294 - ثم ساق الكلام إلى أن قال: والسنة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى بنصف عشر الدية على العاقلة ، فمن زعم أنه لا يقضى بها على العاقلة ، فلينظر من خالف.

16295 - فإن قال قد أثبت المنقطع كما أثبت الثابت ، فقد روي عن ابن أبي ذئب ، عن الزهري ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "أمر رجلا ضحك في الصلاة أن يعيد الوضوء والصلاة" .

16296 - وهو يعرف فضل الزهري في الحفظ عن من يروي عنهم.

16297 - وأخبرنا سفيان ، عن ابن المنكدر ، أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال: إن لي مالا وعيالا ، وإن لأبي مالا وعيالا ، يريد أن يأخذ مالي فيطعم عياله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنت ومالك لأبيك" .

16298 - قال الشافعي : وهو يخالف هذين الحديثين مع ما لعله لو جمع لكان كثيرا من المنقطع.

16299 - فإن كان أحد أخطأ بترك تثبيت المنقطع ، فقد شركه في الخطأ ، وتفرد دونه بترك المتصل ، فكيف يجوز أن يكون المتصل مردودا ، ويكون المنقطع مردودا حيث أراد ثابتا حيث أراد العلم إذن في هذا الذي يزعم هذا لا في الحديث؟.

التالي السابق


الخدمات العلمية