الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                صفحة جزء
                                                7190 7191 ص: وقد روي عن رسول الله -عليه السلام - الرخصة في الرقية من كل ذي حمة .

                                                حدثنا محمد بن عمرو ، قال : ثنا أسباط بن محمد ، عن الشيباني ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه ، عن عائشة - رضي الله عنها - قالت : " رخص رسول الله -عليه السلام - في الرقية من كل ذي حمة " .

                                                حدثنا سليمان بن شعيب ، قال : ثنا خالد بن عبد الرحمن ، قال : ثنا سفيان ، عن الشيباني . . ... ، فذكر بإسناده مثله .

                                                فهذا فيه دليل على أنه كان بعد النهي ; لأن الرخصة لا تكون إلا من شيء محظور .

                                                التالي السابق


                                                ش: هذان طريقان صحيحان :

                                                الأول : عن محمد بن عمرو بن يونس ، عن أسباط بن محمد الكوفي ، عن أبي إسحاق سليمان بن فيروز الشيباني الكوفي ، عن عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه الأسود بن يزيد النخعي ، عن عائشة .

                                                وأخرجه البخاري : نا موسى بن إسماعيل ، قال : نا عبد الواحد ، نا سليمان الشيباني ، ثنا عبد الرحمن بن الأسود ، عن أبيه قال : "سألت عائشة عن الرقية من الحمة ، فقالت : رخص رسول الله -عليه السلام-[في] الرقية من كل ذي حمة " .

                                                [ ص: 197 ] وأخرجه مسلم : عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن علي بن مسهر ، عن الشيباني . . . . إلى آخره نحوه .

                                                الثاني : عن سليمان بن شعيب الكيساني ، عن خالد بن عبد الرحمن الخراساني المروزي ، عن سفيان الثوري ، عن سليمان الشيباني . . . . إلى آخره .

                                                قوله : "من كل ذي حمة " بضم الحاء وفتح الميم المخففة وهو السم ، وقد تشدد الميم وأنكره الأزهري ، ويطلق على إبرة العقرب للمجاورة ; لأن السم منها يخرج ، وأصلها : حمو أو حمي بوزن صرد ، والهاء فيها عوض من الواو المحذوفة أو الياء .

                                                وقال الخطابي : الحمة كل شيء يلدغ أو يلسع . ويقال : هي شوكة العقرب .

                                                وقال ابن سيده : قال بعضهم : هي الإبرة التي تضرب بها الحية والعقرب والزنبور أو يلدغ بها ، والجمع : حماة وحمى ، وفي كتاب "الحيوان " لعمرو بن بحر : من سمى إبرة العقرب حمة فقد أخطأ ، وإنما الحمة سموم ذوات الشعر كالدبر ، وذوات الأنياب والأسنان كالأفاعي وسائر الحيات ، وكسموم ذوات الإبر من العقارب ، وأما النهس وما أشبهه من السموم فليس يقال له حمة .

                                                وفي كتاب "اليواقيت " للمطرز : حمة -بالتشديد - وقال كراع : جمعها : حمون وحمات ، كما قالوا : برون وبرات ، قال : وكأنها مأخوذة من حميت النار تحمي إذا اشتدت حرارتها .

                                                قوله : "فهذا فيه دليل " أي قول عائشة - رضي الله عنها - : "رخص رسول الله -عليه السلام - في الرقية " دليل صريح على أنه كان بعد النهي ; لأن الرخصة لا تكون إلا من شيء نهي عنه فحرم ، فدل ذلك أيضا على أن حديث الشفاء وعمير مولى آبي اللحم ونحو ذلك كله من باب الترخيص الدال على نسخ ما تقدم من النهي . فافهم .




                                                الخدمات العلمية