الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          وجد

                                                          وجد : وجد مطلوبه والشيء يجده وجودا ويجده أيضا ، بالضم ; لغة عامرية لا نظير لها في باب المثال ; قال لبيد وهو عامري :


                                                          لو شئت قد نقع الفؤاد بشربة تدع الصوادي لا يجدن غليلا     بالعذب في رضف القلات مقيلة
                                                          قض الأباطح لا يزال ظليلا



                                                          قال ابن بري : الشعر لجرير ، وليس للبيد كما زعم . وقوله : نقع الفؤاد أي روي . يقال نقع الماء العطش أذهبه نقعا ونقوعا فيهما ، والماء الناقع العذب المروي . والصادي : العطشان . والغليل : حر العطش . والرضف : الحجارة المرضوفة . والقلات : جمع قلت ، وهو نقرة في الجبل يستنقع فيها ماء السماء . وقوله : قض الأباطح ، يريد أنها أرض حصبة ، وذلك أعذب للماء وأصفى . قال سيبويه : وقد قال ناس من العرب : وجد يجد كأنهم حذفوها من يوجد ; قال : وهذا لا يكاد يوجد في الكلام والمصدر وجدا وجدة ووجودا ووجدانا وإجدانا ; الأخيرة عن ابن الأعرابي ; وأنشد :


                                                          وآخر ملتاث يجر كساءه     نفى عنه إجدان الرقين الملاويا



                                                          قال : وهذا يدل على بدل الهمزة من الواو المكسورة كما قالوا إلدة في ولدة . وأوجده إياه : جعله يجده ; عن اللحياني ; ووجدتني فعلت كذا وكذا ، ووجد المال وغيره يجده وجدا ووجدا وجدة . التهذيب : يقال وجدت في المال وجدا ووجدا ووجدا ووجدانا وجدة أي صرت ذا مال ; ووجدت الضالة وجدانا . قال : وقد يستعمل الوجدان في الوجد ; ومنه قول العرب : وجدان الرقين يغطي أفن الأفين . وفي حديث اللقطة : أيها الناشد غيرك الواجد ; من وجد الضالة يجدها . وأوجده الله مطلوبه أي أظفره به . والوجد والوجد والوجد : اليسار والسعة . وفي التنزيل العزيز : أسكنوهن من حيث سكنتم من وجدكم ; وقد قرئ بالثلاث ، أي من سعتكم وما ملكتم ، وقال بعضهم : من مساكنكم . والواجد : الغني ; قال الشاعر :


                                                          الحمد لله الغني الواجد



                                                          [ ص: 157 ] وأوجده الله أي أغناه . وفي أسماء الله - عز وجل - : الواجد ، هو الغني الذي لا يفتقر . وقد وجد يجد جدة أي استغنى غنى لا فقر بعده . وفي الحديث : لي الواجد يحل عقوبته وعرضه أي القادر على قضاء دينه . وقال : الحمد لله الذي أوجدني بعد فقر أي أغناني ، وآجدني بعد ضعف أي قواني . وهذا من وجدي أي قدرتي . وتقول : وجدت في الغنى واليسار وجدا ووجدانا . وقال أبو عبيد : الواجد الذي يجد ما يقضي به دينه . ووجد الشيء عن عدم ، فهو موجود ، مثل حم فهو محموم ; وأوجده الله ولا يقال وجده ، كما لا يقال حمه . ووجد عليه في الغضب يجد ويجد وجدا وجدة وموجدة ووجدانا : غضب . وفي حديث الإيمان : إني سائلك فلا تجد علي أي لا تغضب من سؤالي ; ومنه الحديث : لم يجد الصائم على المفطر ، وقد تكرر ذكره في الحديث اسما وفعلا ومصدرا ; وأنشد اللحياني قول صخر الغي :


                                                          كلانا رد صاحبه بيأس     وتأنيب ووجدان شديد



                                                          فهذا في الغضب ; لأن صخر الغي أيأس الحمامة من ولدها ، فغضبت عليه ؛ ولأن الحمامة أيأسته من ولده فغضب عليها . ووجد به وجدا : في الحب لا غير ، وإنه ليجد بفلانة وجدا شديدا إذا كان يهواها ويحبها حبا شديدا . وفي الحديث ، حديث ابن عمر وعيينة بن حصن : والله ما بطنها بوالد ، ولا زوجها بواجد ، أي أنه لا يحبها ; وقالت شاعرة من العرب وكان تزوجها رجل من غير بلدها فعنن عنها :


                                                          من يهد لي من ماء بقعاء شربة     فإن له من ماء لينة أربعا
                                                          لقد زادني وجدا ببقعاء أنني     وجدت مطايانا بلينة ظلعا
                                                          فمن مبلغ تربي بالرمل أنني     بكيت فلم أترك لعيني مدمعا



                                                          تقول : من أهدى لي شربة من ماء بقعاء على ما هو من مرارة الطعم ، فإن له من ماء لينة على ما هو به من العذوبة أربع شربات ; لأن بقعاء حبيبة إلي إذ هي بلدي ومولدي ، ولينة بغيضة إلي ; لأن الذي تزوجني من أهلها غير مأمون علي ، وإنما تلك كناية عن تشكيها لهذا الرجل حين عنن عنها ; وقولها : لقد زادني حبا لبلدتي بقعاء هذه أن هذا الرجل الذي تزوجني من أهل لينة عنن عني فكان كالمطية الظالعة لا تحمل صاحبها ; وقولها : فمن مبلغ تربي ( البيت ) تقول : هل من رجل يبلغ صاحبتي بالرمل أن بعلي ضعف عني وعنن ، فأوحشني ذلك إلى أن بكيت حتى قرحت أجفاني ، فزالت المدامع ولم يزل ذلك الجفن الدامع ; قال ابن سيده : وهذه الأبيات قرأتها على أبي العلاء : صاعد بن الحسن في الكتاب الموسوم بالفصوص . ووجد الرجل في الحزن وجدا ، بالفتح ، ووجد ; كلاهما عن اللحياني : حزن . وقد وجدت فلانا فأنا أجد وجدا وذلك في الحزن . وتوجدت لفلان أي حزنت له . أبو سعيد : توجد فلان أمر كذا إذا شكاه ، وهم لا يتوجدون سهر ليلهم ولا يشكون ما مسهم من مشقته .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية