الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 447 ] القسم الثالث : الإجازة ، وهي أضرب ; الأول : أن يجيز معينا لمعين كأجزتك البخاري أو ما اشتملت عليه فهرستي ، ولهذا أعلى أضربها المجردة عن المناولة ، والصحيح الذي قاله الجمهور من الطوائف ، واستقر عليه العمل جواز الرواية والعمل بها .

        وأبطلها جماعات من الطوائف وهو إحدى الروايتين عن الشافعي .

        وقال بعض الظاهرية ومتابعيهم : لا يعمل بها ، كالمرسل ، وهذا باطل .

        التالي السابق


        ( القسم الثالث ) من أقسام التحمل ( الإجازة ، وهي أضرب ) تسعة وذكرها المصنف كابن الصلاح سبعة [ ص: 448 ] ( الأول : أن يجيز معينا لمعين : كأجزتك ) أو أجزتكم أو أجزت فلانا الفلاني ( البخاري أو ما اشتملت عليه فهرستي ) أي جملة عدد مروياتي .

        قال صاحب تثقيف اللسان : الصواب أنها - بالمثناة الفوقية وقوفا وإدماجا - وربما وقف عليها بعضهم بالهاء وهو خطأ ، قال : ومعناها جملة العدد للكتب : لفظة فارسية

        ( وهذا أعلى أضربها ) أي الإجازة ( المجردة عن المناولة ، والصحيح الذي قاله الجمهور من الطوائف ) أهل الحديث وغيرهم ( واستقر عليه العمل جواز الرواية والعمل بها ) ، وادعى أبو الوليد الباجي وعياض الإجماع عليها ، وقصر أبو مروان الطبني الصحة عليها .

        ( وأبطلها جماعات من الطوائف ) من المحدثين كشعبة ، قال : لو جازت الإجازة لبطلت الرحلة ، وإبراهيم الحربي ، وأبي نصر الوائلي ، وأبي الشيخ [ ص: 449 ] الأصبهاني ، والفقهاء : كالقاضي حسين ، والماوردي ، وأبي بكر الخجندي الشافعي ، وأبي طاهر الدباس الحنفي ، وعنهم أن من قال لغيره : أجزت لك أن تروي عني ما لم تسمع ، فكأنه قال : أجزت لك أن تكذب علي ; لأن الشرع لا يبيح رواية ما لم يسمع .

        ( وهو إحدى الروايتين عن الشافعي ) وحكاه الآمدي عن أبي حنيفة ، وأبي يوسف ، ونقله القاضي عبد الوهاب عن مالك . وقال ابن حزم : إنها بدعة غير جائزة ، وقيل : . إن كان المجيز والمجاز عالمين بالكتاب جاز وإلا فلا ، واختاره أبو بكر الرازي من الحنفية .

        ( وقال بعض الظاهرية ومتابعيهم لا يعمل بها ) أي بالمروي بها ( كالمرسل ) مع جواز التحديث بها ( وهذا باطل ) ; لأنه ليس في الإجازة ما يقدح في اتصال المنقول بها وفي الثقة بها ، وعن الأوزاعي عكس ذلك ، وهو العمل بها دون التحديث .

        قال ابن الصلاح : وفي الاحتجاج لتجويزها غموض ، ويتجه أن يقال : إذا [ ص: 450 ] جاز له أن يروي عنه مروياته فقد أخبره بها جملة ، فهو كما لو أخبره بها تفصيلا ، وإخباره بها غير متوقف على التصريح قطعا كما في القراءة ، وإنما الغرض حصول الإفهام والفهم ، وذلك حاصل بالإجازة المفهمة .

        وقال الخطيب في " الكفاية " : احتج بعض أهل العلم لجوازها بحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب سورة براءة في صحيفة ودفعها لأبي بكر ، ثم بعث علي بن أبي طالب فأخذها منه ولم يقرأها عليه ولا هو أيضا حتى وصل إلى مكة ففتحها وقرأها على الناس .

        وقد أسند الرامهرمزي عن الشافعي أن الكرابيسي أراد أن يقرأ عليه كتبه فأبى ، وقال : خذ كتب الزعفراني فانسخها فقد أجزت لك ، فأخذها إجازة . أما الإجازة المقترنة بالمناولة فستأتي في القسم الرابع .

        تنبيه :

        إذا قلنا بصحة الإجازة فالمتبادر إلى الأذهان أنها دون العرض ، وهو الحق ، وحكى الزركشي في ذلك مذاهب .

        ثانيها - ونسبه لأحمد بن ميسرة المالكي - : أنها على وجهها خير من السماع الرديء . قال : واختار بعض المحققين تفضيل الإجازة على السماع مطلقا .

        ثالثها : أنهما سواء . حكى ابن عات في ريحانة النفس عن عبد الرحمن بن أحمد بن بقي بن مخلد أنه كان يقول : الإجازة عندي وعند أبي وجدي كالسماع .

        [ ص: 451 ] وقال الطوفي : الحق التفصيل ، ففي عصر السلف السماع أولى ، وأما بعد أن دونت الدواوين وجمعت السنن واشتهرت فلا فرق بينهما .




        الخدمات العلمية