الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
وأما بيان البناء على أوسط الأعداد أو على أقل المرتين الأخيرتين أن نقول : امرأة حيضها خمسة وطهرها عشرون رأت الدم سبعة والطهر خمسة عشر والدم ستة والطهر سبعة عشر ثم استمر بها الدم فعلى قول من يقول بأوسط الأعداد تبني على ستة في الحيض وعلى سبعة عشر في الطهر ; لأن المعتبر أوسط الأعداد فيما رأت لا أوسط ما ترى ، وأوسط الأعداد في الحيض ستة ; لأن قبله كان خمسة ، وبعده كان سبعة ، وأوسط الأعداد في الحيض ستة ; لأن الطهر سبعة عشر فإنه كانت عادتها في الطهر عشرين ، وقد رأت مرة خمسة عشر فأوسط الأعداد سبعة عشر ، وعلى قول من يقول : بأقل المرتين الأخيرتين إنما تبني على ستة في الحيض ، وخمسة عشر في الطهر ; لأنها أقل المرتين الأخيرتين فقد رأت مرة سبعة ومرة ستة وفي الطهر مرة سبعة عشر ومرة خمسة عشر فلهذا بنت في زمان الاستمرار على أقل المرتين الأخيرتين ، وأصل آخر أنه [ ص: 187 ] متى كان لها عادة أصلية فوقعت الحاجة إلى نصب العادة لها برؤية أطهار مختلفة أو دماء مختلفة فينصب لها أوسط الأعداد على قول من يقول به ، وأقل المرتين على قول من يقول به مما يوافق العادة الأصلية فإنه يطرح المأخوذ ثم ينظر إلى أوسط الأعداد من الباقي أو إلى أقل المرتين فإن كان يوافق العادة الأصلية عرفت أنها باقية فتبني عليها الفساد .

وإن لم تكن موافقة للعادة الأصلية عرفت أن العادة الأصلية قد انتقضت ، والمطروح يصير عادة جعلية لها فتبني على ذلك في زمان الاستمرار وبيانه : امرأة عادتها في الحيض عشرة وفي الطهر عشرون طهرت ثلاثين يوما ثم رأت الدم عشرة ثم الطهر أربعين ثم الدم عشرة ثم الطهر خمسة عشر ثم الدم عشرة ثم الطهر عشرين ثم استمر فنقول : أوسط الأعداد في الطهر عشرون ; لأنها رأت مرة ثلاثين ومرة أربعين ومرة خمسة عشر فأوسط الأعداد عشرون ، وهو موافق للعادة الأصلية فيطرح ذلك يبقى بعده خمسة عشر وثلاثون وأربعون فأوسط الأعداد ثلاثون فلم يكن موافقا للعادة الأصلية فعرفنا أن العادة الأصلية قد انتقضت به ، وإنما تبني في زمان الاستمرار على ما هو المطروح ، وهو دم عشرة وطهر عشرين ، ولو رأت الدم عشرة والطهر ثلاثين والدم عشرة والطهر خمسة عشر والدم عشرة والطهر عشرين ثم استمر فأوسط الأعداد في الطهر عشرون فيطرح ذلك يبقى بعده خمسة عشر وثلاثون ، وما كان في الأصل عادة لها وذلك عشرون فأوسط الأعداد من ذلك عشرون فلما وافق أوسط الأعداد من الباقي بعد الطرح ، العادة الأصلية عرفنا أنها لم تنتقض فتبني عليها ما بعدها فحين طهرت ثلاثين فعشرون منها زمان طهرها وعشرة من حساب حيضها ثم رأت الدم عشرة ، وهو ابتداء طهرها ثم الطهر خمسة عشر عشرة تمام مدة طهرها وخمسة من حساب حيضها ثم الدم عشرة خمسة بقية مدة حيضها وخمسة من حساب طهرها ثم الطهر عشرين خمسة عشر بقية مدة طهرها وخمسة من حساب حيضها فجاء الاستمرار ، وقد بقي من مدة حيضها خمسة فتدع خمسة من أول الاستمرار ثم تصلي عشرين ثم تدع عشرة ثم تصلي عشرين ، وذلك دأبها ، والمسائل المخرجة على هذا الأصل كثيرة في السؤالات ، ومن أحكم الأصول فهما ودراية تيسر عليه تخريجها والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب .

التالي السابق


الخدمات العلمية