الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        ( ولا تجبر الأم عليه ) ; لأنها عست تعجز عن الحضانة ( فإن لم تكن له أم فأم الأم أولى من أم الأب وإن بعدت ) [ ص: 547 ] لأن هذه الولاية تستفاد من قبل الأمهات ( فإن لم تكن أم الأم ، فأم الأب أولى من الأخوات ) ; لأنها من الأمهات ، ولهذا تحرز ميراثهن السدس ولأنها أوفر للولاد . [ ص: 548 ] ( فإن لم تكن له جدة فالأخوات أولى من العمات والخالات ) ; لأنهن بنات الأبوين ، ولهذا قدمن في الميراث ، وفي رواية : الخالة أولى من الأخت لأب لقوله عليه الصلاة والسلام : { الخالة والدة }وقيل في قوله تعالى: { ورفع أبويه على العرش }إنها كانت خالته ( وتقدم الأخت لأب وأم ) ; لأنها أشفق ( ثم الأخت من الأم ثم الأخت من الأب ) ; لأن الحق لهن من قبل الأم ( ثم الخالات أولى من العمات ) ترجيحا لقرابة الأم ( وينزل كما نزلنا الأخوات ) معناه ترجيح ذات قرابتين ثم قرابة الأم ( ثم العمات ينزلن كذلك ، وكل من [ ص: 549 ] تزوجت من هؤلاء يسقط حقها ) لما روينا ولأن زوج الأم إذا كان أجنبيا يعطيه نزرا وينظر إليه شزرا فلا نظر ، قال : ( إلا الجدة إذا كان زوجها الجد ) ; لأنه قام مقام أبيه ، فينظر له ( وكذلك كل زوج هو ذو رحم محرم عنه ) لقيام الشفقة نظرا إلى القرابة القريبة . ( ومن سقط حقها بالتزوج يعود إذا ارتفعت الزوجية ) ; لأن المانع قد زال ( فإن لم تكن للصبي امرأة من أهله فاختصم فيه الرجال فأولاهم أقربهم تعصيبا ) ; لأن الولاية للأقرب ، وقد عرف الترتيب في موضعه غير أن الصغيرة لا تدفع إلى عصبة غير محرم كمولى العتاقة وابن العم تحرزا عن الفتنة .

                                                                                                        [ ص: 548 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 548 ] الحديث الثاني : قال عليه السلام : { الخالة والدة }; قلت : روي من حديث علي ; ومن حديث أبي مسعود ; ومن حديث أبي هريرة .

                                                                                                        أما حديث علي : فرواه إسحاق بن راهويه في " مسنده " أخبرنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ ، وهبيرة بن يريم عن { علي قال : لما خرجنا من مكة أتتنا بنت حمزة تنادي : يا عم يا عم ، فتناولتها بيدها ، فدفعتها إلى فاطمة ، فقلت : دونك بنت عمك ، فلما قدمنا المدينة اختصمنا فيها : أنا ، وجعفر ، وزيد بن حارثة ، فقال : جعفر بنت عمي ، وخالتها عندي يعني أسماء بنت عميس وقال زيد : بنت أخي ، وقلت : أنا أخذتها ، وهي ابنة عمي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي ، وأما أنت يا علي ، فمني وأنا منك ، وأما أنت يا زيد ، فأخونا ومولانا ، والجارية عند خالتها ، فإن الخالة والدة ; قلت : يا رسول الله ألا تتزوجها ؟ قال : ابنة أخي من الرضاعة ، }انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " ، والحديث رواه البخاري في " صحيحه " عن البراء بلفظ : { الخالة بمنزلة الأم }; ورواه أبو داود من حديث علي بلفظ : { الخالة أم }; فالبخاري أخرجه في " الشهادات " ، وفي " غزوة خيبر في باب عمرة القضاء " عن أبي إسحاق عن البراء ، قال : { اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة ، فأبى أهل مكة أن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام ، إلى أن قال : فلما دخلها [ ص: 549 ] ومضى الأجل أتوا عليا ، فقالوا له : قل لصاحبك : اخرج عنا ، فقد مضى الأجل ، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فتبعتهم ابنة حمزة : يا عم يا عم ، فتناولها علي ، فأخذ بيدها ، وقال لفاطمة : دونك ابنة عمك ، فاختصم فيها علي ، وزيد ، وجعفر ، فقال علي : أنا أحق بها ، وهي ابنة عمي ، وقال جعفر : ابنة عمي وخالتها تحتي ، وقال زيد : ابنة أخي ، فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالتها ، وقال : الخالة بمنزلة الأم } ، مختصر . وأخرج أبو داود عن عجير عن علي ، فذكر القصة ، وفيه : { فقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم لجعفر ، تكون عند خالتها ، وقال : إنما الخالة أم } ، مختصر .

                                                                                                        وأما حديث أبي مسعود : فرواه الطبراني في " معجمه " حدثنا أبو الشيخ محمد بن الحسن الأصبهاني ، وأحمد بن زهير التستري ، قالا : ثنا محمد بن حرب النسائي ثنا يحيى [ ص: 550 ] بن عباد ثنا قيس بن الربيع عن أبي حصين عن خالد بن سعد عن أبي مسعود ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الخالة والدة }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي هريرة : فأخرجه العقيلي في " كتابه " عن يوسف بن خالد السمتي ثنا أبو هريرة المدني عن مجاهد عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الخالة والدة }انتهى .

                                                                                                        وأعله بيوسف هذا ، ووصفه بالكذب ، وقال : لا يتابع عليه .

                                                                                                        { حديث آخر } : مرسل ، رواه ابن سعد في " الطبقات في ترجمة جعفر بن أبي طالب " فقال : أخبرنا أبو نعيم الفضل بن دكين ثنا حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عن أبيه ، قال : { إن ابنة حمزة لتطوف بين الرجال ، إذ أخذ علي بيدها ، فألقاها إلى فاطمة في هودجها ، قال : فاختصم فيها علي ، وجعفر ، وزيد بن حارثة حتى ارتفعت أصواتهم ، فأيقظوا النبي صلى الله عليه وسلم فقال علي : ابنة عمي ، وأنا أخرجتها ، وقال جعفر : ابنة عمي ، وخالتها عندي ، وقال زيد : ابنة أخي ، فقضى بها النبي صلى الله عليه وسلم لجعفر وقال : الخالة والدة ، فقام جعفر فحجل حول النبي صلى الله عليه وسلم أي دار عليه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : ما هذا يا جعفر ؟ قال : شيء رأيت الحبشة تصنعه بملوكهم إذا أرضوهم }انتهى . [ ص: 551 ]

                                                                                                        { حديث آخر } : مرسل ، رواه ابن المبارك في " كتاب البر والصلة " بسنده عن الزهري ، قال : بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { العم أب إذا لم يكن دونه أب ، والخالة والدة إذا لم يكن دونها أم ، }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية