الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              [ ص: 330 ] المسألة السادسة

              إذا تسلط التأويل على المتشابه فيراعى في المؤول به أوصاف ثلاثة : أن يرجع إلى معنى صحيح في الاعتبار متفق عليه في الجملة بين المختلفين ، ويكون اللفظ المؤول قابلا له ، وذلك أن الاحتمال المؤول به إما أن يقبله اللفظ أو لا ، فإن لم يقبله فاللفظ نص لا احتمال فيه ، فلا يقبل التأويل ، وإن قبله اللفظ فإما أن يجري على مقتضى العلم أولا ، فإن جرى على ذلك ، فلا [ ص: 331 ] إشكال في اعتباره ; لأن اللفظ قابل له والمعنى المقصود من اللفظ لا يأباه فاطراحه إهمال لما هو ممكن الاعتبار قصدا ، وذلك غير صحيح ما لم يقم دليل آخر على إهماله ، أو مرجوحيته ، وأما إن لم يجر على مقتضى العلم ، فلا يصح أن يحمله اللفظ على حال والدليل على ذلك أنه لو صح لكان الرجوع إليه مع ترك اللفظ الظاهر رجوعا إلى العمى ، ورميا في جهالة ، فهو ترك للدليل لغير شيء ، وما كان كذلك فباطل .

              هذا وجه .

              ووجه ثان وهو أن التأويل إنما يسلط على الدليل لمعارضة ما هو أقوى منه فالناظر بين أمرين إما أن يبطل المرجوح جملة اعتمادا على الراجح ولا يلزم نفسه الجمع ، وهذا نظر يرجع إلى مثله عند التعارض على الجملة ، وإما [ ص: 332 ] أن لا يبطله ، ويعتمد القول به على وجه ، فذلك الوجه إن صح واتفق عليه فذاك ، وإن لم يصح فهو نقض الغرض ; لأنه رام تصحيح دليله المرجوح لشيء لا يصح ، فقد أراد تصحيح الدليل بأمر باطل ، وذلك يقتضي بطلانه عند ما رام أن يكون صحيحا ، هذا خلف .

              ووجه ثالث ، وهو أن تأويل الدليل معناه أن يحمل على وجه يصح كونه دليلا في الجملة فرده إلى ما يصح رجوع إلى أنه دليل لا يصح على وجه ، وهو جمع بين النقيضين ، ومثاله تأويل من تأول لفظ الخليل في قوله تعالى : واتخذ الله إبراهيم خليلا [ النساء : 125 ] بالفقير ؛ فإن ذلك يصير المعنى القرآني غير صحيح ، وكذلك تأويل من تأول غوى من قوله : وعصى آدم ربه فغوى [ طه : 121 ] [ ص: 333 ] أنه من غوي الفصيل لعدم صحة غوى بمعنى غوي ، فهذا لا يصح فيه التأويل من جهة اللفظ والأول لا يصح فيه من جهة المعنى ، ومثال ما تخلفت فيه الأوصاف تأويل بيان بن سمعان في قوله تعالى : هذا بيان للناس [ آل عمران : 138 ] .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية