الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر عصيان أهل ماردة وغزو الحكم بلاد الفرنج

في هذه السنة عاود أهل ماردة الخلاف على الحكم بن هشام ، أمير الأندلس ، وعصوا عليه ، فسار بنفسه إليهم ، وقاتلهم ، ولم تزل سراياه وجيوشه تتردد وتقاتلهم هذه السنة ، وسنة خمس ، وسنة ست وتسعين ومائة .

وطمع الفرنج في ثغور المسلمين ، وقصدوها بالغارة والقتل ، والنهب والسبي ، وكان الحكم مشغولا بأهل ماردة ، فلم يتفرغ للفرنج ، فأتاه الخبر بشدة الأمر على أهل الثغر ، وما بلغ العدو منهم ، وسمع أن امرأة مسلمة أخذت سبية ، فنادت : واغوثاه يا [ ص: 409 ] حكم ! فعظم الأمر عليه ، وجمع عسكره واستعد وحشد وسار إلى بلد الفرنج سنة ست وتسعين ومائة ، وأثخن في بلادهم ، وافتتح عدة حصون ، وخرب البلاد ، ونهبها ، وقتل الرجال ، وسبى الحريم ، ونهب الأموال ، وقصد الناحية التي كانت بها تلك المرأة ، فأمر لهم من الأسرى بما يفادون به أسراهم ، وبالغ في الوصية في تخليص تلك المرأة ، فتخلصت من الأسر ، وقتل باقي الأسرى ، فلما فرغ من غزاته قال لأهل الثغور : هل أغاثكم الحكم ؟ فقالوا : نعم . ودعوا له ، وأثنوا عليه خيرا ، وعاد إلى قرطبة مظفرا .

التالي السابق


الخدمات العلمية