الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                647 وحدثناه أبو كريب حدثنا سويد بن عمرو الكلبي عن حماد بن سلمة عن سيار بن سلامة أبي المنهال قال سمعت أبا برزة الأسلمي يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخر العشاء إلى ثلث الليل ويكره النوم قبلها والحديث بعدها وكان يقرأ في صلاة الفجر من المائة إلى الستين وكان ينصرف حين يعرف بعضنا وجه بعض [ ص: 282 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 282 ] قوله : ( كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يؤخر العشاء إلى ثلث الليل ويكره النوم قبلها والحديث بعدها ) . قال العلماء : وسبب كراهة النوم قبلها أنه يعرضها لفوات وقتها باستغراق النوم ، أو لفوات وقتها المختار والأفضل ، ولئلا يتساهل الناس في ذلك فيناموا عن صلاتها جماعة ، وسبب كراهة الحديث بعدها أنه يؤدي إلى السهر ، ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل ، أو الذكر فيه ، أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز ، أو في وقتها المختار أو الأفضل ، ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدين والطاعات ومصالح الدنيا .

                                                                                                                قال العلماء : والمكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها . أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهة فيه ، وذلك كمدارسة العلم ، وحكايات الصالحين ، ومحادثة الضيف والعروس للتأنيس ، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة ، ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم أو أنفسهم ، والحديث في الإصلاح بين الناس والشفاعة إليهم في خير ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والإرشاد إلى مصلحة ونحو ذلك ، فكل هذا لا كراهة فيه ، وقد جاءت أحاديث صحيحة ببعضه ، والباقي في معناه ، وقد تقدم كثير منها في هذه الأبواب والباقي مشهور . ثم كراهة الحديث بعد العشاء المراد بها بعد صلاة العشاء لا بعد دخول وقتها . واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير كما ذكرناه . وأما النوم قبلها فكرهه عمر وابنه وابن عباس وغيرهم من السلف ، ومالك وأصحابنا - رضي الله عنهم - أجمعين ، ورخص فيه علي وابن مسعود والكوفيون - رضي الله عنهم - أجمعين . وقال الطحاوي : يرخص فيه بشرط أن يكون معه من يوقظه ، وروي عن ابن عمر مثله . والله أعلم .




                                                                                                                الخدمات العلمية