الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3195 باب القطع في البيضة

                                                                                                                              وذكره النووي في : (الباب المتقدم ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 185 ج 11 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ (عن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لعن الله السارق؛ يسرق البيضة فتقطع يده. ويسرق الحبل فتقطع يده ) .

                                                                                                                              وفي رواية : " إن سرق حبلا ، وإن سرق بيضة ".] [ ص: 377 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 377 ] (الشرح)

                                                                                                                              فيه : دليل لجواز لعن غير المعين من العصاة. لأنه لعن للجنس ، لا لمعين. ولعن الجنس : جائز ، كما قال تعالى : ألا لعنة الله على الظالمين .

                                                                                                                              وأما المعين : فلا يجوز لعنه. قال عياض : وأجاز بعضهم لعن المعين ، ما لم يحد. فإذا حد ، لم يجز لعنه. فإن الحدود كفارات لأهلها.

                                                                                                                              قال : وهذا التأويل باطل للأحاديث الصحيحة ، في النهي عن اللعن. فيجب حمل النهي على المعين ، ليجمع بين الأحاديث.

                                                                                                                              هذا وقال الجماعة : المراد بالبيضة " هنا : بيضة الحديد. وحبل السفينة. وكل واحد منهما يساوي أكثر من ربع دينار. وأنكر المحققون هذا وضعفوه. وقالوا : لهما قيمة ظاهرة ، وليس هذا السياق موضع استعمالهما ، بل بلاغة الكلام تأباه. ولأنه لا يذم في العادة : من خاطر بيده في شيء له قدر. وإنما يذم من خاطر بها فيما لا قدر له. فهو موضع تقليل لا تكثير.

                                                                                                                              والصواب : أن المراد : التنبيه على عظيم ما خسر. وهي يده في [ ص: 378 ] مقابلة حقير من المال ، وهو ربع دينار. فإنه يشارك البيضة والحبل : في الحقارة.

                                                                                                                              أو أراد : جنس البيض ، وجنس الحبال.

                                                                                                                              أو أنه إذا سرق البيضة فلم يقطع ، جره ذلك إلى سرقة ما هو أكثر منها ، فقطع. فكانت سرقة البيضة ، هي سبب قطعه.

                                                                                                                              أو أن المراد به : قد يسرق البيضة والحبل ، فيقطعه بعض الولاة سياسة ، لا قطعا جائزا شرعا.

                                                                                                                              وقيل : إن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال هذا عند نزول آية السرقة مجملة ، من غير بيان نصاب. فقاله على ظاهر اللفظ.

                                                                                                                              هذا كلام النووي " رحمه الله تعالى ".

                                                                                                                              وفي النيل يمكن أن يقال : المراد : المبالغة في التنفير عن السرقة ، وجعل ما لا قطع فيه ، بمنزلة ما فيه القطع. كما في حديث : (من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة ) . وحديث : "تصدقي ، ولو بظلف محرق ". مع أن " مفحص القطاة " : لا يكون مسجدا. و" الظلف المحرق " : لا ثواب في التصدق به ، لعدم نفعه. ولكن مقام الترغيب في بناء المساجد ، والصدقة : اقتضى ذلك. انتهى.

                                                                                                                              وهذا الوجه ، هو الأولى. والترهيب يساوي الترغيب في البيان. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية