الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3241 [ ص: 411 ] باب: لا يقضي القاضي وهو غضبان

                                                                                                                              وقال النووي : ( باب كراهة قضاء القاضي وهو غضبان ) .

                                                                                                                              ولفظ المنتقى : ( باب النهي عن الحكم في حال الغضب ، إلا أن يكون يسيرا لا يشغل ) .

                                                                                                                              (حديث الباب )

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 15 ج 12 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ، قال : كتب أبي - وكتبت له - إلى عبيد الله بن أبي بكرة وهو قاض بسجستان : أن لا تحكم بين اثنين ، وأنت غضبان. فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحكم أحد بين اثنين، وهو غضبان" ) .]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              فيه : النهي عن القضاء ، في حال الغضب. قال المهلب : سبب هذا النهي : أن الحكم حالة الغضب ، قد يتجاوز بالحاكم إلى غير الحق فمنع. وبذلك قال فقهاء الأمصار.

                                                                                                                              وقال ابن دقيق العيد : النهي لما يحصل بسببه من التغير الذي يختل به النظر ، فلا يحصل استيفاء الحكم على الوجه.

                                                                                                                              [ ص: 412 ] قال النووي : قال العلماء : ويلتحق بالغضب : كل حال يخرج الحاكم فيها عن سداد النظر ، واستقامة الحال : كالشبع المفرط ، والجوع المقلق ، والهم الزائد ، والفرح البالغ ، ومدافعة الحدث ، وتعلق القلب بأمر ، ونحو ذلك.

                                                                                                                              وكل هذه الأحوال : يكره له القضاء فيها ، خوفا من الغلط. فإن قضى فيها صح قضاؤه ، لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قضى في شراج الحرة ، في مثل هذا الحال. وقال في اللقطة : " مالك ولها ؟" إلخ، وكان في حال الغضب. انتهى.

                                                                                                                              قلت : ظاهر النهي : التحريم. وقول الجمهور : يصح إن صادف الحق ، بدليل قضائه صلى الله عليه وآله وسلم للزبير ونحوه. وكأنهم جعلوا ذلك قرينة صارفة للنهي إلى الكراهة. ولكنه لا يخفى أنه لا يصح إلحاق غيره صلى الله عليه وآله وسلم به ، في مثل ذلك ، لأنه معصوم عن الحكم بالباطل في رضائه وغضبه ، بخلاف غيره فلا عصمة تمنعه عن الخطإ.

                                                                                                                              ولهذا ذهب بعض الحنابلة : إلى أنه لا ينفذ الحكم في حال الغضب ، لثبوت النهي عنه. والنهي يقتضي الفساد.

                                                                                                                              وفصل بعضهم. والراجح : ما ذكرناه.




                                                                                                                              الخدمات العلمية