الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              3497 باب منه

                                                                                                                              وهو في النووي في: (الباب المتقدم) .

                                                                                                                              حديث الباب

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \ النووي ص 28 - 29 جـ 13 المطبعة المصرية

                                                                                                                              [(عن عبد الله بن أبي قتادة ، عن أبي قتادة ؛ أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ أنه قام فيهم، فذكر لهم: أن الجهاد في سبيل الله، والإيمان بالله أفضل الأعمال . فقام رجل فقال: يا رسول الله! أرأيت إن قتلت في سبيل الله تكفر عني خطاياي؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: "نعم إن قتلت في سبيل الله، وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر"، ثم قال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: "كيف قلت؟" قال: أرأيت إن قتلت في سبيل الله! أتكفر عني خطاياي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم: "نعم. وأنت صابر محتسب، مقبل غير مدبر، إلا الدين؛ فإن جبريل عليه السلام قال لي ذلك ") .] [ ص: 497 ]

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              [ ص: 497 ] (الشرح)

                                                                                                                              فيه: هذه الفضيلة العظيمة للمجاهد. وهي تكفير خطاياه كلها، إلا حقوق الآدميين.

                                                                                                                              وإنما يكون تكفيرها بهذه الشروط المذكورة؛ وهو أن يقتل صابرا محتسبا، مقبلا غير مدبر.

                                                                                                                              وفيه: أن الأعمال لا تنفع، إلا بالنية والإخلاص لله تعالى.

                                                                                                                              وفيه: احتراز ممن يقبل في وقت، ويدبر في وقت. " والمحتسب": هو المخلص لله تعالى. فإن قاتل لعصبية، أو لغنيمة، أو لصيت، أو نحو ذلك: فليس له هذا الثواب ولا غيره.

                                                                                                                              قال النووي : وفي قوله: ( إلا الدين ) :تنبيه على جميع حقوق الآدميين. وأن الجهاد، والشهادة، وغيرهما من أعمال البر: لا يكفر حقوق الآدميين. وإنما يكفر حقوق الله تعالى.

                                                                                                                              وأما قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (نعم"، ) ثم قال بعد ذلك: ( إلا الدين ": ) فمحمول على أنه أوحي إليه به في الحال. ولهذا قال: ( إن جبريل قال لي ذلك ) انتهى.

                                                                                                                              وعبارة النيل: لعل الجواب منه "صلى الله عليه وآله وسلم" بقوله: ("نعم"، ) من غير استثناء: كان بالاجتهاد. ثم لما أخبره جبريل بما أخبر: استعاد النبي "صلى الله عليه وآله وسلم " من السائل سؤاله، [ ص: 498 ] ثم أخبره بأن استثناء الدين: ليس هو من جهته، وإنما هو بأمر الله له بذلك. انتهى.

                                                                                                                              وليس في الحديث، ما يدل على أنه لا يجوز لمن عليه دين: أن يخرج إلى الجهاد إلا بإذن من له الدين، كما قال صاحب البحر.

                                                                                                                              ولا يخفى: أن بقاء الدين في ذمة الشهيد لا يمنع من الشهادة، بل هو شهيد مغفور له كل ذنب، إلا الدين. وذلك لا يستلزم عدم جواز الخروج إلى الجهاد، إلا بإذن من له الدين. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية