الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              4084 باب: لكل داء دواء

                                                                                                                              وقال النووي: (باب لكل داء دواء، واستحباب التداوي) .

                                                                                                                              (حديث الباب)

                                                                                                                              وهو بصحيح مسلم \النووي، ص190-191 ج14، المطبعة المصرية

                                                                                                                              [ (عن جابر) رضي الله عنه؛ (عن رسول الله صلى الله عليه) وآله (وسلم؛ أنه قال: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء: برئ بإذن الله") ].

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              (الشرح)

                                                                                                                              "الدواء" بفتح الدال ممدود. وحكى جماعات (منهم الجوهري) فيه: لغة بكسر الدال. قال عياض: هي لغة الكلابيين. وهو شاذ.

                                                                                                                              وفي هذا الحديث: إشارة إلى استحباب الدواء. قال النووي: وهو مذهب أصحابنا، وجمهور السلف، وعامة الخلف.

                                                                                                                              [ ص: 325 ] قال عياض: في هذه الأحاديث: جمل من علوم الدين والدنيا، وصحة علم الطب، وجواز التطبب في الجملة، واستحبابه بالأمور المذكورة، في هذه الأحاديث التي ذكرها مسلم.

                                                                                                                              وفيها: رد على من أنكر التداوي، من غلاة الصوفية، وقال: كل شيء بقضاء وقدر، فلا حاجة إلى التداوي.

                                                                                                                              وحجة العلماء: هذه الأحاديث، ويعتقدون: أن الله تعالى هو الفاعل. وأن التداوي هو أيضا من قدر الله. وهذا الأمر بالدعاء، وكالأمر بقتال الكفار، وبالتحصن، ومجانبة الإلقاء باليد إلى التهلكة، مع أن الأجل لا يتغير. والمقادير لا تتأخر، ولا تتقدم عن أوقاتها. ولا بد من وقوع المقدرات. والله أعلم.

                                                                                                                              وقال المازري: ذكر مسلم هذه الأحاديث الكثيرة، في الطب والعلاج، وقد اعترض في بعضها: من في قلبه مرض، فذكر قوله، ورد عليه. وهو في النووي.

                                                                                                                              وفي حديث أسامة بن شريك: "قال جاء أعرابي، فقال: يا رسول الله! أنتداوى؟ قال: "نعم. فإن الله لم ينزل داء، إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه، وجهله من جهله". رواه أحمد. وفي لفظ: "قالت الأعراب: يا رسول الله! أنتداوى؟ قال: نعم. عباد الله! تداووا، فإن الله لم يضع داء، إلا وضع له: شفاء، أو دواء، إلا داء واحدا. قالوا: يا رسول الله! وما هو؟ قال: الهرم". رواه ابن ماجه، وأبو داود، والترمذي وصححه.

                                                                                                                              [ ص: 326 ] وفي الباب أحاديث غير هذه. وكلها تدل على جواز التداوي، واستحبابه وترد على كل من لا يرى التداوي. والله أعلم.




                                                                                                                              الخدمات العلمية