ذكر عدة حوادث
في هذه السنة ، في يوم الجمعة رابع عشر جمادى الآخرة ، قطعت خطبة ولي العهد ، وأظهر خط قرئ بدار الوزير نصير الدين ناصر بن مهدي الرازي وإذا هو خط ولي العهد الأمير أبي نصر ابن الخليفة إلى أبيه الناصر لدين الله أمير المؤمنين ، يتضمن العجز عن القيام بولاية العهد ، ويطلب الإقالة ، وشهد عدلان أنه خطه ، وأن الخليفة أقاله ، وعمل بذلك محضر شهد فيه القضاة والعدول والفقهاء .
وفي هذه السنة ولدت امرأة ببغداد ولدا له رأسان وأربع أرجل ويدان ، ومات في يومه .
وفيها أيضا وقع الحريق في خزانة السلاح التي للخليفة ، فاحترق فيها منه شيء كثير ، وبقيت النار يومين ، وسار ذكر هذا الحريق في البلدان ، فحمل الملوك من السلاح إلى بغداد شيئا كثيرا .
وفي هذه السنة وقع الثلج بمدينة هراة أسبوعا كاملا ، فلما سكن جاء بعده سيل من الجبل من باب سرا ، خرب كثيرا من البلد ، ورمى من حصنه قطعة عظيمة ، وجاء بعده برد شديد أهلك الثمار ، فلم يكن بها تلك السنة شيء إلا اليسير .
[ ص: 210 ] وفيها ، في شعبان ، خرج عسكر من الغورية مقدمهم الأمير زنكي بن مسعود إلى مدينة مرو ، فلقيهم نائب خوارزم شاه بمدينة سرخس ، وهو الأمير جقر ، وكمن لهم كمينا ، فلما وصلوا إليه هزمهم ، وأخذ وجوه الغورية أسرى ، فلم يفلت منهم إلا القليل ، وأخذ أميرهم زنكي أسيرا ، فقتل صبرا ، وعلقت رءسهم بمرو أياما .
وفيها ، في ذي القعدة ، سار الأمير عماد الدين عمر بن الحسين الغوري ، صاحب بلخ ، إلى مدينة ترمذ ، وهي للأتراك الخطا ، فافتتحها عنوة ، وجعل بها ولده الأكبر ، وقتل من بها من الخطا ، ونقل العلويين منها إلى [ بلخ ] ، وصارت ترمذ دار إسلام ، وهي من أمنع الحصون وأقواها .
[ الوفيات ]
وفيها صدر الدين السجزي شيخ خانكاه السلطان بهراة . توفي
وفيها ، في صفر ، توفي أبو علي الحسن بن محمد بن عبدوس الشاعر الواسطي ، وهو من الشعراء المجيدين ، واجتمعت به بالموصل ، وردها مادحا لصاحبها نور الدين أرسلان شاه وغيره من المقدمين ، وكان نعم الرجل ، حسن الصحبة والعشرة .
وفيها اجتمع ببغداد رجلان أعميان على رجل أعمى أيضا ، وقتلاه بمسجد طمعا في أن يأخذا منه شيئا ، فلم يجدا معه ما يأخذانه ، وأدركهما الصباح ، فهربا من الخوف يريدان الموصل ، ورؤي الرجل مقتولا ، ولم يعلم قاتله ، فاتفق أن بعض أصحاب الشحنة اجتاز من الحريم في خصومة جرت ، فرأى الرجلين الضريرين ، فقال لمن معه : هؤلاء الذين قتلوا الأعمى يقوله مزحا ، فقال أحدهما : هذا والله قتله ، فقال الآخر : بل أنت قتلته ، فأخذا إلى صاحب الباب ، فأقرا فقتل أحدهما ، وصلب الآخر على باب المسجد الذي قتلا فيه الرجل .