الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
ذكر وصول الأشرف إلى الموصل والصلح مع مظفر الدين

لما ملك الملك الأشرف سنجار سار يريد الموصل ليجتاز منها ، فقدم بين يديه عساكره ، فكان يصل كل يوم منهم جمع كثير ، ثم وصل هو في آخرهم يوم الثلاثاء تاسع عشر جمادى الأولى من السنة المذكورة ، وكان يوم وصوله مشهودا ، وأتاه رسل الخليفة ومظفر الدين في الصلح ، وبذل تسليم القلاع المأخوذة جميعها إلى بدر الدين ، ما عدا قلعة العمادية فإنها تبقى بيد زنكي ، وإن المصلحة قبول هذا لتزول الفتن ، ويقع الاشتغال بجهاد الفرنج .

وطال الحديث في ذلك نحو شهرين ، ثم رحل الأشرف يريد مظفر الدين صاحب إربل ، فوصل إلى قرية السلامية ، بالقرب من نهر الزاب ، وكان مظفر الدين نازلا عليه من جانب إربل ، فأعاد الرسل ، وكان العسكر قد طال بيكاره ، والناس قد ضجروا ، وناصر الدين صاحب آمد يميل إلى مظفر الدين ، فأشار بالإجابة إلى ما بذل ، وأعانه عليه غيره ، فوقعت الإجابة إليه ، واصطلحوا على ذلك ، وجعل لتسليمها أجل ، وحمل زنكي إلى الملك الأشرف يكون عنده رهينة إلى حين تسليم القلاع .

وسلمت قلعة العقر ، وقلعة شوش أيضا ، وهما لزنكي ، إلى نواب الأشرف رهنا على تسليم ما استقر من القلاع ، فإذا سلمت أطلق زنكي ، وأعيد عليه قلعة العقر ، وقلعة شوش ، وحلفوا على هذا ، وسلم الأشرف زنكي القلعتين وعاد إلى سنجار ، وكان رحيله عن الموصل ثاني شهر رمضان من سنة سبع عشرة وستمائة ، فأرسلوا إلى القلاع لتسلم إلى نواب بدر الدين ، فلم يسلم إليه غير قلعة جل صورا ، [ ص: 323 ] من أعمال الهكارية ، وأما باقي القلاع فإن جندها أظهروا الامتناع من ذلك ، ومضى الأجل ولم يسلم غير جل صورا .

ولزم عماد الدين زنكي لشهاب الدين غازي ابن الملك العادل ، وخدمه ، وتقرب إليه ، فاستعطف له أخاه الملك الأشرف ، فمال إليه وأطلقه ، وأزال نوابه من قلعة العقر وقلعة شوش ، وسلمهما إليه .

وبلغ بدر الدين عن الملك الأشرف ميل إلى قلعة تل يعفر ، وإنها كانت لسنجار من قديم الزمان وحديثه ، وطال الحديث في ذلك ، فسلمها إليه بدر الدين .

التالي السابق


الخدمات العلمية