الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( وإن علق الطلاق على وجود فعل مستحيل عادة ) أي في العادة ( أو ) علقه على فعل مستحيل ( في نفسه ) أي لذاته فمثاله ( الأول ) أي المعلق على مستحيل عادة ( كأنت طالق إن صعدت السماء أو ) إن ( شاء الميت أو ) إن شاءت ( البهيمة أو ) إن ( طرت أو ) إن ( قلبت الحجر ذهبا أو إن شربت ماء هذا النهر كله أو ) إن ( حملت الجبل ونحوه ) كأنت طالق لا صعدت السماء أو لا شاء الميت .

                                                                                                                      ( و ) مثال الثاني أي المعلق على مستحيل في نفسه ( كإن رددت أمس أو جمعت بين الضدين ) فأنت طالق ( أو إن كان الواحد أكثر من اثنين أو إن شربت ماء هذا الكوز ولا ماء فيه ) فأنت طالق لم تطلق ( كحلفه بالله عليه ) لأنه علق الطلاق بصفة لم توجد .

                                                                                                                      ولأن ما يقصده بتقييده يعلق على المحال قال تعالى في حق الكفار { ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط } وقال الشاعر : [ ص: 277 ]

                                                                                                                      ف إذا شاب الغراب أتيت أهلي وصار القار كاللبن الحليب

                                                                                                                      أي لا آتيهم أبدا ( وإن علقه ) أي الطلاق ( على عدمه ) أي عدم الفعل المستحيل عادة أو في نفسه ( ك ) قوله ( أنت طالق لأشربن ماء الكوز ولا ماء فيه علم ) الحالف ( أن فيه ماء أو لم يعلم ) ذلك طلقت في الحال ( أو ) قال أنت طالق ( إن لم أشربه ) أي ماء الكوز .

                                                                                                                      ( و ) الحال أنه ( لا ماء فيه ) طلقت في الحال ( أو ) قال أنت طالق ( لأصعدن السماء أو إن لم أصعدها أو ) قال أنت طالق ( إذا ) طلعت الشمس أو أنت طالق لا ( طلعت الشمس أو ) قال أنت طالق ( لأقتلن فلانا فإذا هو ميت ) طلقت في الحال سواء ( علمه ) ميتا ( أو لا أو ) قال أنت طالق ( لأطيرن ونحوه ) كأنت طالق إن لم يشأ فلان الميت ( طلقت في الحال ) لأنه علق الطلاق على نفي المستحيل وعدمه معلوم في الحال وفي المال فوقع الطلاق .

                                                                                                                      ( كما لو قال أنت طالق إن لم أبع عبدي فمات العبد ) قبل بيعه فإنه يحنث قبيل موته لليأس من فعل المحلوف عليه ( وعتق وظهار وحرام ونذر ويمين بالله كطلاق ) فيما تقدم ذكره ( وإن قال ) لزوجته ( أنت طالق اليوم إذا جاء غد لم تطلق ) في ( اليوم ولا ) في ( غد ) لعدم تحقق شرطه ، إذ مقتضاه أنت طالق اليوم إذا جاء غد ولا يأتي الغد إلا بعد ذهاب اليوم وذهاب محل الطلاق ( وأنت طالق ثلاثا على مذهب السنة والشيعة واليهود والنصارى طلقت ثلاثا لاستحالة الصيغة لأنه لا مذهب لهم ) أي للشيعة واليهود والنصارى ( ولقصده التأكيد فإن ) قال أنت طالق على مذهب السنة والشيعة واليهود والنصارى و ( لم يقل ثلاثا فواحدة ) لعدم ما يقتضي التكرار ( إن لم ينو أكثر ، ومثله أنت طالق ثلاثا على سائر المذاهب ) فتقع الثلاث وأنت طالق على سائر المذاهب يقع واحدة إن لم ينو أكثر .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية