الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( أو ) حلف ( على من يمتنع بيمينه كزوجة وقرابة ) من نحو ولد وكذا غلامه ( وقصد منعه ) من فعل شيء ( ولا نية ولا سبب ولا قرينة ) تخصص الكل أو البعض ( ففعل ) المحلوف عليه ( بعضه لم يحنث ) الحالف نص عليه فيمن حلف على امرأته لا تدخل بيت أختها لم تطلق حتى تدخلها كلها ، ألا ترى أن عوف بن مالك قال كلي أو بعضي لأن الكل لا يكون بعضا ، والبعض لا يكون كلا ، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يخرج رأسه وهو معتكف إلى عائشة فترجله وهي حائض والمعتكف ممنوع من الخروج من المسجد والحائض ممنوعة من اللبث فيه ( فلو كان في فمها ) أي الزوجة ( رطبة ) أو تفاحة أو نحوها ( فقال : إن أكلتها أو أمسكتها أو ألقيتها ) بكسر التاء فيهن ( فأنت طالق ) ولا نية ولا قرينة ولا سبب ( فأكلت بعضا وألقت الباقي ) أو أمسكته ( لم يحنث ) لأنها لم تأكلها ولم تلقها ولم تمسكها .

                                                                                                                      ( فإن نوى ) بقوله لا أفعل كذا أو على زوجته ونحوها : لا تفعل كذا فعل ( الجميع أو ) فعل ( البعض فيمينه على ما نوى ) لأن النية مخصصة ، وكذا لو اقتضى سبب اليمين أحد الأمرين ( وإن دلت قرينة تقتضي أحد الأمرين ) الجميع أو البعض ( تعلق ) الحنث ( به ) أي بما دلت القرينة عليه ( كمن حلف لا شربت هذا النهر أو لا أكلت الخبز ) أو [ ص: 318 ] اللحم ( أو لا شربت الماء وما أشبهه ) كلا لبست الغزل ونحوه ( مما علق على اسم أو جنس أو على اسم جمع كالمسلمين والمشركين والفقراء والمساكين حنث بالبعض ) لأن فعل الجميع ممتنع فلا تنصرف اليمين إليه وقوله اسم جمع أي اسم هو جمع فالإضافة بيانية بدليل الأمثلة .

                                                                                                                      وكذا اسم الجمع وكأولي وأولات ( وإن حلف لا شربت من ماء الفرات فشرب من مائه حنث ) سواء ( كرع فيه ) بأن شرب منه بفمه ( أو اغترف ) منه بيده أو بإناء ( كما لو حلف لا شربت من هذا البئر ) فكرع منه أو اغترف لأنه شرب منه وكذا العين ( و ) لو حلف ( لا أكلت من هذه الشجرة ) فلقط من تحتها فأكل حنث كما لو أكل الثمرة وهي عليها بخلاف أكل ورقها وأطراف أغصانها .

                                                                                                                      ( و ) كما لو حلف ( لا شربت من هذه الشاة ) فحلب في شيء وشرب منه فإنه يحنث لأنه شرب منها .

                                                                                                                      ( و ) لو حلف ( لا شربت من ماء الفرات فشرب من نهر يأخذ منه حنث ) لأنه شرب من مائه .

                                                                                                                      ( و ) إن حلف ( لا شربت من الفرات فشرب من نهر يأخذ منه ) أي الفرات ( فوجهان ) أطلقهما في الشرح وغيره أحدهما الحنث نظرا إلى أن القصد بالفرات ماؤه وهذا منه وعدمه نظرا إلى أن ما أخذه النهر يضاف إليه لا إلى الفرات ويزول بإضافته إليه عن إضافته إلى الفرات .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية