الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
208 - ( 12 ) - حديث : روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : { التيمم ضربتان ، ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين } الدارقطني والحاكم والبيهقي من حديث علي بن ظبيان ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر مرفوعا ، قال الدارقطني : وقفه يحيى القطان ، وهشيم وغيرهما وهو الصواب ، ثم رواه من طريق مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر موقوفا ، قلت : وعلي بن ظبيان ، ضعفه القطان ، وابن معين وغير واحد ، وقد تقدمت طريق محمد بن ثابت العبدي ، عن نافع ، ورواه الدارقطني من طريق سالم ، عن ابن عمر مرفوعا ولفظه : { تيممنا [ ص: 268 ] مع النبي صلى الله عليه وسلم ، ضربنا بأيدينا على الصعيد الطيب ، ثم نفضنا أيدينا فمسحنا بها وجوهنا ، ثم ضربنا ضربة أخرى فمسحنا من المرافق إلى الأكف }الحديث . لكن فيه سليمان بن أرقم ، وهو متروك ، قال البيهقي : رواه معمر وغيره ، عن الزهري موقوفا وهو الصحيح ، ومن طريق سليمان بن أبي داود الحراني وهو متروك أيضا ، عن سالم ونافع جميعا ، عن ابن عمر مرفوعا بلفظ : { في التيمم ضربتان ، ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين }. قال أبو زرعة : حديث باطل ، ورواه الدارقطني والحاكم من طريق عثمان بن محمد الأنماطي ، عن عزرة بن ثابت ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { التيمم ضربة للوجه ، وضربة للذراعين إلى المرفقين }ومن طريق أبي نعيم ، عن عزرة بسنده المذكور قال : { جاء رجل فقال : أصابتني جنابة وإني تمعكت في التراب ، فقال : اضرب فضرب بيده الأرض فمسح وجهه ، ثم ضرب يديه فمسح بهما إلى المرفقين }. ضعف ابن الجوزي هذا الحديث بعثمان بن محمد ، وقال : إنه متكلم فيه ، وأخطأ في ذلك : قال ابن دقيق العيد : لم يتكلم فيه أحد ، نعم روايته شاذة ; لأن أبا نعيم رواه عن عزرة موقوفا . أخرجه الدارقطني والحاكم أيضا .

قلت : وقال الدارقطني في حاشية السنن عقب حديث عثمان بن محمد كلهم ثقات ، والصواب موقوف وفي الباب عن الأسلع قال : { كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه جبرائيل بآية الصعيد ، فأراني التيمم ، فضربت بيدي الأرض واحدة فمسحت بهما وجهي ، ثم ضربت بهما الأرض فمسحت بهما يدي إلى المرفقين }رواه الدارقطني والطبراني وفيه الربيع بن بدر وهو ضعيف . وعن أبي أمامة رواه الطبراني وإسناده ضعيف أيضا [ ص: 269 ] ورواه البزار وابن عدي من حديث عائشة مرفوعا : { التيمم ضربتان ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين }تفرد به الحريش بن الخريت ، عن ابن أبي مليكة عنها ، قال أبو حاتم : حديث منكر ، والحريش شيخ لا يحتج بحديثه .

وعن عمار قال : { كنت في القوم حين نزلت الرخصة ، فأمرنا فضربنا واحدة للوجه ، ثم ضربة أخرى لليدين إلى المرفقين }رواه البزار .

209 - ( 13 ) حديث : روي : { أنه صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر : تكفيك ضربة للوجه ، وضربة للكفين } الطبراني في الأوسط ، والكبير ، وفيه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى وهو ضعيف ، لكنه حجة عند الشافعي ، ورواه الشافعي في حديث ابن الصمة كما تقدم ، وقال ابن عبد البر : أكثر الآثار المرفوعة عن عمار ضربة واحدة ، وما روي عنه من ضربتين فكلها مضطربة ، وقد جمع البيهقي طرق حديث عمار ، فأبلغ .

قوله : بعد ذكر كيفية المسح : وزعم بعضهم أنها منقولة عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن الصلاح في مشكله : لم يرد بها أثر ولا خبر . وقال النووي في شرح المهذب : لم يثبت وليس الذي قاله هذا الزاعم بشيء انتهى .

وفي البخاري من حديث عمار طرف من الكيفية حيث قال : ثم مسح بها ظهر كفه بشماله ، أو ظهر شماله بكفه ، ولأبي داود والنسائي : { ثم ضرب بشماله على يمينه ، وبيمينه على شماله } ، وقد استدل صاحب المهذب بحديث الأسلع الذي قدمناه عن [ ص: 270 ] الطبراني ، وكيفيته مع ضعفه مخالفة للكيفية المذكورة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية