الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 363 ] حديث : { أن الملك الذي رآه عبد الله بن زيد في المنام كان قائما } أبو داود من حديث شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى قال : أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال ، حدثنا أصحابنا { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لقد أعجبني أن تكون صلاة المسلمين واحدة فذكر الحديث فجاء رجل من الأنصار فقال : يا رسول الله ، إني رجعت لما رأيت من اهتمامك ، فرأيت رجلا عليه ثوبان أخضران ، فقام على المسجد فأذن ، ثم قعد ، ثم قام فقال : مثلها إلا أنه يقول : قد قامت الصلاة } - الحديث - ورواه الدارقطني من حديث الأعمش عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل به ، ورواه أبو الشيخ في كتاب الأذان من طريق يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن ، عن عبد الله بن زيد قال : { لما كان الليل قبل الفجر غشيني النعاس ، فرأيت رجلا عليه ثوبان أخضران ، وأنا بين النائم واليقظان ، فقام على سطح المسجد فجعل أصبعيه في أذنيه ، ونادى . . . }فذكر الحديث بطوله ، وهذا حديث ظاهره الانقطاع . قال المنذري : إلا أن قوله في رواية أبي داود : حدثنا أصحابنا إن أراد به الصحابة فيكون مسندا ، وإلا فهو مرسل . قلت : في رواية أبي بكر بن أبي شيبة ، وابن خزيمة والطحاوي والبيهقي ثنا أصحاب محمد ، فتعين الاحتمال الأول ، ولهذا صححها ابن حزم وابن دقيق العيد .

( فائدة ) ذكر الفوراني والغزالي : { أن عبد الله بن زيد سأل النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن له في الأذان مرة واحدة فأذن الظهر } ، قال النووي : هذا باطل وهو كما قال ، وعند عبد الرزاق من حديث سعيد بن المسيب ، عن عبد الله بن زيد في قصة الرؤيا فبلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بالتأذين لكن يحمل ذلك على [ ص: 364 ] أن المأمور بلال ، فلا ينتهض لما ذكراه ، وأيضا ففي إسناده أبو جابر البياضي وهو كذاب . قوله : { كان بلال وغيره من مؤذني رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤذنون قياما } ، أما قيام بلال : فثابت في الصحيحين من حديث ابن عمر ففيه : { قم يا بلال ، فناد بالصلاة }. وفي الاستدلال به نظر ، لأن معناه اذهب إلى موضع بارز فناد فيه ، قال النووي : وعند النسائي من حديث أبي محذورة : { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما علمه الأذان قال له : قم فأذن بالصلاة }والاستدلال به كالذي قبله ، وعند أبي داود من طريق عروة ، عن امرأة من بني النجار قالت : { كان بيتي أطول بيت حول المسجد ، فكان بلال يؤذن عليه الفجر ، فيأتي بسحر فيجلس على البيت ينتظر الفجر ، فإذا رآه تمطأ }. وقال ابن المنذر : أجمع كل من يحفظ عنه العلم أن السنة أن يؤذن المؤذن قائما قال : وروينا عن أبي زيد الأنصاري الصحابي أنه أذن وهو قاعد ، قال : وثبت أن ابن عمر كان يؤذن على البعير ، وينزل فيقيم ، وسيأتي حديث وائل بن حجر قريبا - إن شاء الله تعالى - . قوله : وينبغي أن يستقبل القبلة لما قدمناه ، قال إسحاق في مسنده : ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال : { جاء عبد الله بن زيد فقال : يا رسول الله ، إني رأيت رجلا نزل من السماء ، فقام على جذم حائط ، فاستقبل القبلة }. فذكر الحديث ، وفي الكامل لابن عدي من طريق عبد الرحمن بن سعد بن عمار بن سعد القرظ ، حدثني أبي عن آبائه : { أن بلالا كان إذا كبر بالأذان استقبل القبلة }. ورواه الحاكم في المستدرك من طريق [ ص: 365 ] عبد الله بن عمار بن سعد القرظ عن أبيه عن جده نحوه .

التالي السابق


الخدمات العلمية