الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وكذلك ذكر أبو الحسن الأشعري لما ذكر اختلاف الناس هل هو في مكان دون مكان؟ أم لا في مكان؟ أم في كل مكان؟ فقال: قد ذكرنا قول من امتنع من ذلك، وقال: إنه في كل مكان حال، وقول من قال: لا نهاية له أن هاتين الفرقتين أنكرتا القول إنه في مكان دون مكان.

[ ص: 766 ] فأخبر أن القائلين بأنه لا نهاية له ينكرون أن يكون في مكان دون مكان، فلا يقولون إنه فوق العرش، لكن هذا المؤسس إن لم يبطل قول هؤلاء بالحجة وإلا خصموه فإنه ينكر أن يكون الله فوق العرش ويوافقهم على إطلاق القول بأنه لا نهاية له ولا حد ولا غاية، وإن كان يفسر ذلك بتفسير آخر، لكن نفي قولهم لابد له من حجة.

فأما الوجه الأول الذي ذكره فيقولون له: لا نسلم أن الخط المتناهي يمكنه أن يسامت غير المتناهي، فقولك زال عن الموازاة إلى المسامتة. فرع إمكان ذلك، والمحال المذكور إنما لزم من فرض مسامتة خط متناه لخط غير متناه، فلزم من ذلك أن يحصل في المتناهي نقطة هي أول نقطة المسامتة، وأن لا يحصل، لكن قولك: إن هذا المحال إنما لزم من فرضنا أن ذلك الخط غير متناه ممنوع.

بل يقال: هذا المحال إنما لزم من فرض مسامتة المتناهي لغير المتناهي؛ فالإحالة كانت بفرض مسامتته له لا بفرض وجود غير المتناهي؛ لم قلت: أن الأمر ليس كذلك؟!

وقد يقول لك أحد الفريقين من هؤلاء: نحن نقول إنه غير [ ص: 767 ] متناه، وإنه غير جسم، وحينئذ لا يمكن أن يفرض فيه خطوط ونقط، فلابد من إقامة دليل على امتناع شيء ليس بجسم غير متناه، فإن أقمت دليلا على ذلك بطل ما ذكرته في القسم الثالث من وجود أحياز خالية فوق الباري؛ لأنه إذا وجب عندك تناهي الأبعاد، وإن لم تكن أجساما، وجب تناهي الأحياز فلم يجب أن يكون فوق الباري حيز، ولا بعد كما ألزمتهم إياه في القسم الثالث.

التالي السابق


الخدمات العلمية