الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4643 حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو بكر عن عاصم قال سمعت الحجاج وهو على المنبر يقول اتقوا الله ما استطعتم ليس فيها مثنوية واسمعوا وأطيعوا ليس فيها مثنوية لأمير المؤمنين عبد الملك والله لو أمرت الناس أن يخرجوا من باب من أبواب المسجد فخرجوا من باب آخر لحلت لي دماؤهم وأموالهم والله لو أخذت ربيعة بمضر لكان ذلك لي من الله حلالا ويا عذيري من عبد هذيل يزعم أن قراءته من عند الله والله ما هي إلا رجز من رجز الأعراب ما أنزلها الله على نبيه عليه السلام وعذيري من هذه الحمراء يزعم أحدهم أنه يرمي بالحجر فيقول إلى أن يقع الحجر قد حدث أمر فوالله لأدعنهم كالأمس الدابر قال فذكرته للأعمش فقال أنا والله سمعته منه

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( قال سمعت الحجاج ) وكان واليا من جانب عبد الملك بن مروان ( ليس فيها ) : أي في هذه الآية ( مثنوية ) : بفتح الميم وسكون المثلثة المثلية وفتح النون وكسر الواو وتشديد الياء أي استثناء ( لأمير المؤمنين ) : متعلق باسمعوا وأطيعوا ( عبد الملك ) : بدل من أمير المؤمنين ( والله لو أخذت ربيعة بمضر ) : أي بجريرتهم يريد أن الأحكام مفوضة إلى آراء الأمراء والسلاطين .

                                                                      وكلامه هذا مردود باطل مخالف للشريعة ( ويا عذيري من عبد هذيل ) : أراد به [ ص: 309 ] عبد الله بن مسعود الهذلي أي من الذي يعذرني في أمره ولا يلومني . قاله السندي .

                                                                      ( والله ) : الواو للقسم ( ما هي ) : أي ليس قراءته ( إلا رجز من رجز الأعراب ) : الرجز بحر من بحور الشعر معروف ونوع من أنواعه يكون كل مصراع منه مفردا وتسمى قصائده أراجيز واحدها أرجوزة ، فهو كهيئة السجع إلا أنه في وزن الشعر كذا في النهاية ( ما أنزلها الله ) : أي القراءة التي يقرؤها عبد هذيل ويزعم أنها من عند الله ما أنزلها الله تعالى أي ليست تلك القراءة بقرآن منزل من الله تعالى بل هي رجز من أراجيز العرب . وما قاله الحجاج كذب صريح وافتراء قبيح على عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ولا ريب في أن قراءة ابن مسعود كانت مما أنزلها الله تعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم ، كيف وقد قال صلى الله عليه وسلم استقرئوا القرآن من أربعة : من عبد الله بن مسعود ، وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل رواه البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمرو .

                                                                      قال السندي : وأراد به عبد الله بن مسعود رضي الله عنه لكونه ثبت على قراءته وما رجع إلى مصحف عثمان رضي الله عنه ( من هذه الحمراء ) : يعني العجم ، والعرب تسمي الموالي الحمراء ( يزعم أحدهم أنه يرمي بالحجر فيقول إلى أن يقع الحجر ) : أي على الأرض ( قد حدث أمر ) : هذا مفعول يقول لعل مراد الحجاج أن الموالي يوقعون الفساد والشر والفتنة ويقولون عقيب إيقاع الشر والفساد قد حدث أمر ويزعمون أنهم يرمون الحجارة ( فوالله لأدعنهم ) : أي لأتركنهم ( كالأمس الدابر ) : أي كاليوم الماضي أي أتركهم معدومين هالكين .

                                                                      قال المزي : أثر عاصم بن أبي النجود وأثران للأعمش قيل من رواية اللؤلؤي وحده عن أبي داود انتهى ، ولم يذكره المنذري في مختصره .




                                                                      الخدمات العلمية