الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4431 حدثنا أبو كامل حدثنا يزيد يعني ابن زريع ح و حدثنا أحمد بن منيع عن يحيى بن زكريا وهذا لفظه عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم برجم ماعز بن مالك خرجنا به إلى البقيع فوالله ما أوثقناه ولا حفرنا له ولكنه قام لنا قال أبو كامل قال فرميناه بالعظام والمدر والخزف فاشتد واشتددنا خلفه حتى أتى عرض الحرة فانتصب لنا فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت قال فما استغفر له ولا سبه حدثنا مؤمل بن هشام حدثنا إسمعيل عن الجريري عن أبي نضرة قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وليس بتمامه قال ذهبوا يسبونه فنهاهم قال ذهبوا يستغفرون له فنهاهم قال هو رجل أصاب ذنبا حسيبه الله

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( إلى البقيع ) : أي بقيع الغرقد وكذلك في رواية مسلم ( ما أوثقناه ) : قال النووي هكذا الحكم عند الفقهاء ( ولا حفرنا له ) : وفي رواية أخرى لمسلم فلما كان الرابعة حفر له حفرة ثم أمر به فرجم .

                                                                      [ ص: 90 ] قال النووي : وأما الحفر للمرجوم وللمرجومة ففيه مذاهب للعلماء ، قال مالك وأبو حنيفة وأحمد رضي الله عنهم لا يحفر لواحد منهما ، وقال قتادة وأبو ثور وأبو يوسف وأبو حنيفة في رواية يحفر لهما ، وقال بعض المالكية يحفر لمن يرجم بالبينة لا لمن يرجم بالإقرار . وأما أصحابنا فقالوا لا يحفر للرجل سواء ثبت زناه بالبينة أم بالإقرار ، وأما المرأة ففيها ثلاثة أوجه لأصحابنا : أحدها يستحب الحفر لها إلى صدرها ليكون أستر ، والثاني لا يستحب ولا يكره بل هو إلى خيرة الإمام ، والثالث وهو الأصح إن ثبت زناها بالبينة استحب وإن ثبت بالإقرار فلا ليمكنها الهرب إن رجعت . فالقائل بالحفر لهما احتج بأنه حفر للغامدية ولماعز في رواية ، وأجابوا عن رواية ولا حفرنا له أن المراد حفيرة عظيمة .

                                                                      وأما القائل بعدم الحفر فاحتج برواية ولا حفرنا له ، وهذا المذهب ضعيف لأنه منابذ لحديث الغامدية ولرواية الحفر لماعز . وأما من قال بالتخيير فظاهر . وأما من فرق بين الرجل والمرأة فيحمل رواية الحفر لماعز على أنه لبيان الجواز انتهى ( والمدر ) : بفتح الميم والدال هو الطين المجتمع الصلب ( والخزف ) : بفتح الخاء والزاي آخره فاء وهي أكسار الأواني المصنوعة من المدر وفيه دليل على أن الحجارة لا تتعين للرجم وعليه اتفاق العلماء ( فاشتد ) : أي عدا عدوا شديدا ( عرض الحرة ) : بضم العين المهملة وسكون الراء أي [ ص: 91 ] جانبها ، والحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء وهي أرض ذات حجارة سود ( فانتصب ) : أي قام ( بجلاميد الحرة ) : أي الحجارة الكبار واحدها جلمد بفتح الجيم والميم وجلمود بضم الجيم ( حتى سكت ) : هو بالتاء في آخره . قال النووي : وهذا هو المشهور في الروايات . قال القاضي : ورواه بعضهم سكن بالنون والأول أصوب ومعناهما مات انتهى ( فما استغفر له ولا سبه ) : أما عدم السب فلأن الحد كفارة له مطهرة له من معصية ، وأما عدم الاستغفار فلئلا يغتر غيره فيقع في الزنا اتكالا على استغفاره صلى الله عليه وسلم قاله النووي .

                                                                      قال المنذري : وأخرجه مسلم والنسائي بمعناه . ( جاء رجل ) : وهو ماعز ( نحوه ) : أي نحو الحديث السابق ( وليس بتمامه ) : أي ليس هذا الحديث تاما مثل الحديث السابق ( ذهبوا يسبونه ) : أي جعلوا يسبونه .

                                                                      قال المنذري : هذا مرسل .




                                                                      الخدمات العلمية