الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      4415 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة حدثنا وهب بن بقية ومحمد بن الصباح بن سفيان قالا حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن بإسناد يحيى ومعناه قال جلد مائة والرجم حدثنا محمد بن عوف الطائي حدثنا الربيع بن روح بن خليد حدثنا محمد بن خالد يعني الوهبي حدثنا الفضل بن دلهم عن الحسن عن سلمة بن المحبق عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث فقال ناس لسعد بن عبادة يا أبا ثابت قد نزلت الحدود لو أنك وجدت مع امرأتك رجلا كيف كنت صانعا قال كنت ضاربهما بالسيف حتى يسكتا أفأنا أذهب فأجمع أربعة شهداء فإلى ذلك قد قضى الحاجة فانطلقوا فاجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله ألم تر إلى أبي ثابت قال كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالسيف شاهدا ثم قال لا لا أخاف أن يتتابع فيها السكران والغيران قال أبو داود روى وكيع أول هذا الحديث عن الفضل بن دلهم عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هذا إسناد حديث ابن المحبق أن رجلا وقع على جارية امرأته قال أبو داود الفضل بن دلهم ليس بالحافظ كان قصابا بواسط

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( خذوا عني ) : أي حكم حد الزنا ( خذوا عني ) : كرره للتأكيد ( قد جعل الله لهن سبيلا ) : قال النووي : إشارة إلى قول الله تعالى فأمسكوهن في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذا هو ذلك السبيل . واختلف العلماء في هذه الآية فقيل هي محكمة وهذا الحديث مفسر لها ، وقيل منسوخة بالآية التي في أول سورة النور ، وقيل إن آية النور في البكرين ، وهذه الآية في الثيبين ( الثيب بالثيب جلد مائة ورمي بالحجارة ) : اختلفوا في جلد الثيب مع الرجم فقالت طائفة يجب الجمع بينهما فيجلد ثم يرجم وبه قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه والحسن البصري وإسحاق بن راهويه وداود وأهل الظاهر وبعض أصحاب الشافعي .

                                                                      وقال جماهير العلماء الواجب الرجم وحده . وحجة الجمهور أن النبي صلى الله عليه وسلم اقتصر على رجم الثيب في أحاديث كثيرة منها قصة ماعز وقصة المرأة الغامدية قاله النووي ( والبكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة ) : فيه حجة للشافعي والجماهير أنه يجب نفي سنة رجلا كان أو امرأة .

                                                                      وقال الحسن لا يجب النفي . وقال مالك والأوزاعي لا نفي على النساء ، وروي مثله عن علي قالوا لأنها عورة وفي [ ص: 74 ] نفيها تضييع لها وتعريض لها للفتنة ، ولهذا نهيت عن المسافرة إلا مع محرم . وحجة الشافعي ظاهرة .

                                                                      وقوله صلى الله عليه وسلم الثيب بالثيب إلخ ليس على سبيل الاشتراط بل حد البكر الجلد والتغريب سواء زنى ببكر أم بثيب ، وحد الثيب الرجم ، سواء زنى بثيب أم ببكر ، فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب . قاله النووي .

                                                                      قال المنذري وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي . ( أخبرنا الربيع بن روح بن خليد ) : الحمصي وثقه أبو حاتم ( يسكتا ) : من [ ص: 75 ] السكوت أي يموتا ( فإلى ذلك ) : الزمان أي مدة الذهاب وإحضار الشهداء ( قد قضى الحاجة ) : وفرغ من الزنا ( كفى بالسيف شاهدا ) : فهذا السيف موضع الشهداء ( ثم قال ) صلى الله عليه وسلم : ( لا لا ) : بتكرار لا النهي أي لا تقتلوه بالسيف لأني ( أخاف أن يتتايع ) : بالياء التحتية قبل العين أي يتتابع وزنا ومعنى ( فيها ) : في تلك الواقعة أي مثلها ( السكران ) : بفتح السين أي صاحب الغيظ والغضب يقال سكر فلان على فلان غضب واغتاظ ولهم علي سكر أي غضب شديد ( والغيران ) : بفتح الغين المعجمة أي صاحب الغيرة .

                                                                      قال الجوهري : الغيرة بالفتح مصدر قولك غار الرجل على أهله يغار غيرا ، ورجل غيور وغيران انتهى .

                                                                      والمعنى أن صاحب الغضب والغيظ وصاحب الغيرة يقتلون الرجل الذي دخل بيته بمجرد الظن من غير تحقق الزنا منهما ( روى وكيع أول هذا الحديث ) : وهو قوله خذوا عني إلى قوله نفي سنة دون الزيادة التي زادها محمد بن خالد الوهبي ( وإنما هذا ) : الإسناد الذي ذكره وكيع ( إسناد حديث ابن المحبق أن رجلا ) : وهذا الحديث مع الكلام عليه سيأتي في باب الرجل يزني بجارية امرأته .

                                                                      [ ص: 76 ] والحاصل أن هذا الإسناد أي إسناد الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق في قصة الجارية أن رجلا وقع على جارية امرأته الحديث دون حديث " خذوا عني خذوا عني " ، وإنما غلط فيه فضل بن دلهم فأدخل سند متن في متن آخر وإنما هما متنان بإسنادين متغايرين والله أعلم . وهذا الحديث ليس من رواية اللؤلؤي .

                                                                      وقال المزي في الأطراف : هذا الحديث في رواية أبي سعيد بن الأعرابي وأبي بكر بن داسة ولم يذكره أبو القاسم انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية