الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
[ ص: 241 ] مسألة

قيل : للحكمة في تنزيه الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم عن الشعر وجوه :

أحدها : أنه سبحانه أخبر عن الشعراء بأنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون ( الشعراء : 225 - 226 ) وأن للشعر شرائط لا يسمى الإنسان بغيرها شاعرا ، كما قال بعضهم : وقد سئل عن الشاعر ، فقال : إن هزل أضحك ، وإن جد كذب ، فالشاعر بين كذب وإضحاك . فنزه الله نبيه عن هاتين الخصلتين ، وعن كل أمر دنيء ، وإنا لا نكاد نجد شاعرا إلا مادحا ضارعا ، أو هاجيا ذا قذع ، وهذه أوصاف لا تصلح للنبي .

والثاني : أن أهل العروض مجمعون كما قال ابن فارس على أنه لا فرق بين صناعة العروض وصناعة الإيقاع ، إلا أن صناعة الإيقاع تقسم الزمان بالنغم ، وصناعة العروض تقسمه بالحروف المتنوعة ، فلما كان الشعر ذا ميزان يناسب الإيقاع ، والإيقاع ضرب من الملاهي ، لم يصلح ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد قال : لست من دد ولا دد مني .

وأما ما حكي عنه صلى الله عليه وسلم من ألفاظ الوزن ، فالجواب عنها من وجهين :

أحدهما : أنه لم يقصد بها الشعر ، ومن حقيقة الشعر قصده ، قال ابن فارس : [ ص: 242 ] الشعر كلام موزون مقفى دال على معنى ، ويكون أكثر من بيت ; لأنه يجوز اتفاق شطر واحد بوزن يشبه وزن الشعر من غير قصد .

والثاني : أنه صلى الله عليه سلم كان إذا أنشد شيئا من ذلك غيره .

التالي السابق


الخدمات العلمية