الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              2826 [ 1615 ] وعن ابن عمر قال: ذكر رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يخدع في البيوع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من بايعت فقل: لا خلابة". فكان إذا بايع يقول: لا خيابة.

                                                                                              رواه أحمد ( 2 \ 61 )، والبخاري (2407)، ومسلم (1533).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و ( قوله: لا خيابة ) روايتنا فيه: بالياء باثنتين من تحتها مكان اللام. وهو الصحيح؛ لأنه كان ألثغ، يخرج اللام من غير مخرجها. وقد رواه بعضهم: (لا خيانة) بالنون، وليس بالمشهور. وفي غير كتاب مسلم : أنه كان يقول: لا خذابة - بالذال المعجمة -. وهذا الحديث قد رواه الترمذي من حديث أنس . وقال: هو [ ص: 386 ] الصحيح. وقال فيه: إن رجلا كان في عقله ضعف، وكان يبايع، وأن أهله أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ! احجر عليه. فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه، فقال: يا رسول الله ! إني لا أصبر عن البيع ! فقال: (إذا بايعت فقل: لا خلابة ). وخرجه أبو داود وقال فيه: (إن كنت غير تارك للبيع فقل: ها وها ولا خلابة). وذكره البخاري في "التاريخ" وقال فيه: (إذا بايعت فقل: لا خلابة، وأنت في كل سلعة ابتعتها بالخيار ثلاث ليال) وفيه أبواب من الفقه مختلف فيها:

                                                                                              أولها: أن كل من يخدع في البيوع لقلة خبرته، وضعف عقله، فهل يحجر عليه أم لا؟ فقال بالحجر عليه أحمد ، وإسحاق . وقال آخرون: لا يحجر عليه. والقولان في المذهب.

                                                                                              وثانيها: أن الغبن هل يوجب الخيار للمغبون أم لا؟ فذهب الشافعي وأبو حنيفة ، ومالك - في أحد قوليه - إلى نفي الخيار. وذهب آخرون إلى لزوم الخيار. وإليه ذهب البغداديون من أصحابنا.

                                                                                              ثم اختلف هؤلاء في حد الغبن الموجب للخيار. فمنهم من حده بالثلث. ومنهم من حده بالتفاحش الذي لا يتغابن بمثله.

                                                                                              وثالثها: مدة الخيار. هل هي مقدرة بالثلاث في كل مبيع، أو يختلف ذلك بحسب الاحتياج إلى اختيار المبيع على ما قد تقدم.

                                                                                              [ ص: 387 ] وسبب الخلاف في هذه الأبواب اختلافهم في هذا الحديث. هل هو خاص بهذا الرجل، أو هو عام له ولغيره، وإذا تنزلنا على حمله على العموم، فهل دلالة هذا الحديث على هذه الأحكام ظاهرة فيها، أم لا؟ وإذا تنزلنا على الظهور. فهل سلمت مما يعارضها، أم لا؟ وبسط هذا يستدعي تطويلا.




                                                                                              الخدمات العلمية