الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
( قال ) : ولو قال لامرأته : أنت طالق ثلاثا قبل أن أقتل ، أو قبل أن أموت من مرض كذا ، وكذا بشهر فمات مما قال ، أو من غيره قبل مضي شهر ، أو بعده لم تطلق ; لأن ما عرف الوقت به ليس بكائن لا محالة فصار في معنى الشرط بمنزلة قدوم فلان على ما تقدم ، ولو وقع الطلاق ، لوقع بعده ، ولا نكاح بينهما بعد ما قتل ; فلهذا لا تطلق ، ولها الميراث فإن قال : أنت طالق ثلاثا قبل موتي بشهر ونصف ، أو بأقل من شهرين فمات بعد مضي ذلك الوقت الذي قاله فجأة ، أو مرض ، ثم مات ; وقع الطلاق عليها عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى قبل موته كما قال ، ولها الميراث وعندهما لا تطلق ; لما بينا أن عندهما الموت يصير في معنى الشرط ، وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى هو معرف للوقت ، فإنما يقع الطلاق من أوله ، ولكن عدتها لا تنقضي بما دون الشهرين ، فكان لها الميراث ويصير الزوج فارا ; لأن الطلاق [ ص: 160 ] لا يقع ما لم يشرف على الموت ويتعلق حقها بماله .

وإن كان قال : قبل موتي بشهرين ، أو بأكثر من ذلك ، ثم مات قبل مضي الشهرين لم يقع الطلاق ، ولها الميراث ; لأن الوقت الذي أضاف إليه الطلاق يوجد بعد كلامه ، وإن عاش مثل ما سمى ، أو أكثر ، ثم مات وقع عليها الطلاق قبل موته بما سمى ، ولا ميراث لها منه ; لأن العدة قد تنقضي في شهرين بثلاث حيض ، وكذلك لو كان وقت وقوع الطلاق مريضا ، إذا كان الكلام في الصحة ، وإن كانت صغيرة ، أو آيسة فعدتها ثلاثة أشهر ، ولها الميراث إلا أن يسمي من الوقت ثلاثة أشهر ، أو أكثر ، وهذا كله قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ، فأما عندهما لا يقع الطلاق في شيء من ذلك ، وإن وقت سنة ، ولها الميراث ; لأن عندهما الموت في معنى الشرط فلو وقع الطلاق لوقع بعده

التالي السابق


الخدمات العلمية