الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            . ومن آذى مسلما أدب .

                                                                                                                            ص ( ولا إن نبذ )

                                                                                                                            ش : قال في أواخر كتاب العتق الثاني من التنبيهات اللقيط هو الملتقط حيث وجد وعلى أي صفة وجد في صغره والمنبوذ الذي وجد منبوذا لأول ما يولد وقيل اللقيط هو ما التقط من الصغار في الشدائد والغلاء ولا يعلم له أب وعلى هذا قول ابن القاسم فيمن قذف اللقيط بأبيه حد ومن قذف بذلك المنبوذ لم يحد وقال مالك ما نعلم منبوذا إلا ولد الزنى وعلى قائلها لغيره الحد وأراد بعض المشايخ أن يخرج من المدونة خلاف هذا من قوله في الذي استلحق لقيطا أنه لا يلحق به إلا أن يعلم أنه ممن لا يعيش له ولد وسمع الناس يقولون إذا طرح عاش وهذا لا حجة فيه لأن هذا في النادر وإنما تكلم على ما جرت به العادة أولا في هذه على نازلة وقعت شهدت لها دلائل وإلا فالغالب ما قاله أولا انتهى . وقوله وعلى قائلها لغيره الحد يعني أن من قال لغيره يا منبوذ فعليه الحد ولعل بعض المشايخ الذي أشار إليه هو اللخمي فإنه قال في كتاب العتق الثاني لما تكلم على اللقيط وأما نسبه فإن محمله على أنه ذو نسب وإنه لرشدة إلا أنه غير معروف فإن قال له رجل لا أب لك أو يا ولد الزنى حد له واختلف إذا استلحقه رجل فقال في كتاب أمهات الأولاد لا يقبل قوله ولا يصدق إلا أن يكون لذلك وجه ثم ذكر الخلاف في ذلك ثم قال حكم المنبوذ حكم الملقوط اللقيط في الحرية والدين واختلف في النسب فجعله ابن حبيب للزنية لا نسب له وقال من قذف المنبوذ بأبيه وأمه لم يحد وقد قيل المنبوذ من نبذ عندما ولد والشأن إنما يفعل ذلك بمن ولد عن زنى واللقيط ما طرح عند الشدائد والجدب وليس عندما يولد ولمالك في المبسوط مثل ذلك فيمن قال لرجل يا منبوذ قال ما نعلم منبوذا إلا ولد الزنى وأرى على من قال ذلك الحد وكل هذا خلاف لقول ابن القاسم لأنه قال فيمن استلحق لقيطا لا يقبل قوله إلا أن يعلم أنه ممن لا يعيش له ولد وسمع الناس يقولون أنه إذا طرح عاش وهذا إنما يفعل عند الولادة انتهى . وقال ابن عرفة في آخر باب اللقطة لما تكلم على اللقيط وأطلق عليه ابن شعبان لفظ منبوذ وترجم على أحكامه في الموطإ بالقضاء في المنبوذ وفي صحاح الجوهري المنبوذ : اللقيط . ثم ذكر كلام اللخمي فتحصل من هذا أن المنبوذ هو من طرح عند ولادته وأن اللقيط من طرح بعد ذلك وأنه قد يطلق على اللقيط أنه منبوذ إذا علم ذلك فقول المصنف ( ولا إن نبذ ) الذي يظهر من معناه أن من بقي منبوذا عن أب أو جد لا حد عليه ولا إشكال في ذلك لأنه لا أب له ولا جد إذ لا نسب له هذا إن كان معناه أنه قال لست ابن فلان وأما إن كان معناه أنه قال لا أب لك أو يا ولد زنى فهذا يأتي على ما ذكره اللخمي عن مالك في المبسوط وعن ابن حبيب وما حكاه عياض عن ابن القاسم وإن كان خلاف ما ذكره ابن رشد في البيان وحكاه عنه ابن غازي وأما ما ذكره الشارح والمحشي في تفسير كلام المصنف وأن معناه إذا قال للمنبوذ يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية فبعيد لأن كلام المصنف في النفي عن النسب لا في قذف أبي المنبوذ أو أمه فتأمله ولا شك أنه إذا قلنا لا حد على من قال للمنبوذ ليس لك أب أو يا ولد الزنى فلا حد على من قال له يا ابن الزاني أو يا ابن الزانية والعلة [ ص: 300 ] في ذلك كونه ولد زانية لأن أباه وأمه غير معروفين لأن هذه العلة موجودة في اللقيط وقد نص ابن رشد على أن من قال له يا ابن الزاني ويا ابن الزانية أن عليه الحد فتأمله .

                                                                                                                            ( تنبيه ) ما نقله ابن غازي عن ابن عرفة في المحمولين لم أقف عليه في كلام ابن عرفة في كتاب القذف ولا في اللقيط ولا غيره فانظره .

                                                                                                                            ص ( أو زنى ) ش تصوره ظاهر من كلام الشارح .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية