الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        فصل قال : ( وإذا استحق بعض نصيب أحدهما بعينه ، لم تفسخ القسمة عند أبي حنيفة رحمه الله ورجع بحصة ذلك في نصيب صاحبه ، وقال أبو يوسف رحمه الله تفسخ القسمة ) .

                                                                                                        قال رضي الله عنه : ذكر الاختلاف في استحقاق بعض بعينه ، وهكذا ذكر في الأسرار ; والصحيح أن الاختلاف في استحقاق بعض شائع من نصيب أحدهما ، فأما في استحقاق بعض معين لا تفسخ القسمة بالإجماع ، ولو استحق بعض شائع في الكل تفسخ بالاتفاق فهذه ثلاثة أوجه ، ولم يذكر قول محمد رحمه الله ، وذكره أبو سليمان مع أبي يوسف وأبو حفص مع أبي حنيفة وهو الأصح ، لأبي يوسف رحمه الله أن باستحقاق بعض شائع ظهر شريك ثالث لهما ، والقسمة بدون رضاه باطلة كما إذا استحق بعض شائع في النصيبين ، وهذا ; لأن باستحقاق جزء شائع ينعدم معنى القسمة وهو الإفراز ; لأنه يوجب الرجوع بحصته في نصيب الآخر شائعا بخلاف المعين ، ولهما أن معنى الإفراز لا ينعدم باستحقاق جزء شائع في نصيب أحدهما ، ولهذا جازت القسمة على هذا الوجه في الابتداء بأن كان النصف المقدم مشتركا بينهما وبين ثالث والنصف المؤخر بينهما لا شركة لغيرهما فيه فاقتسما على أن لأحدهما مالهما من المقدم وربع المؤخر يجوز فكذا في الانتهاء وصار كاستحقاق شيء معين ; بخلاف الشائع في النصيبين ; لأنه لو بقيت القسمة لتضرر الثالث بتفرق نصيبه في النصيبين ، أما ها هنا فلا ضرر بالمستحق فافترقا ، وصورة المسألة إذا أخذ أحدهما الثلث المقدم من الدار والآخر الثلثين من المؤخر ، وقيمتهما سواء ثم استحق نصف المقدم ، فعندهما إن شاء نقض القسمة دفعا لعيب التشقيص ، وإن شاء رجع على صاحبه بربع ما في يده من المؤخر ; لأنه لو استحق كل المقدم رجع بنصف ما في يده فإذا استحق النصف رجع بنصف النصف ، وهو الربع اعتبارا [ ص: 18 ] للجزء بالكل ، ولو باع صاحب المقدم نصفه ثم استحق النصف الباقي شائعا رجع بربع ما في يد الآخر عندهما لما ذكرنا ، وسقط خياره ببيع البعض ، وعند أبي يوسف رحمه الله ما في يد صاحبه بينهما نصفان ويضمن قيمة نصف ما باع لصاحبه ; لأن القسمة تنقلب فاسدة عنده ، والمقبوض بالعقد الفاسد مملوك فنفذ البيع فيه ، وهو مضمون بالقيمة فيضمن نصف نصيب صاحبه .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الخدمات العلمية