الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 370 ] قال : ( وإن شهدا أنه قتله وقالا لا ندري بأي شيء قتله ففيه الدية استحسانا ) والقياس أن لا تقبل هذه الشهادة لأن القتل يختلف باختلاف الآلة فجهل المشهود به ، وجه الاستحسان أنهم شهدوا بقتل مطلق والمطلق ليس بمجمل ، فيجب أقل موجبيه وهو الدية ، ولأنه يحمل إجمالهم في الشهادة على إجمالهم بالمشهود عليه سترا عليه وأولوا كذبهم في نفي العلم بظاهر ما ورد بإطلاقه في إصلاح ذات البين ، وهذا في معناه فلا يثبت الاختلاف بالشك وتجب الدية في ماله لأن الأصل في الفعل العمد فلا يلزم العاقلة .

                                                                                                        [ ص: 369 - 370 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 369 - 370 ] قوله : لظاهر ما ورد بإطلاقه في إصلاح ذات البين ; قلت : روي من حديث أبي [ ص: 371 ] الدرداء ; ومن حديث عبد الله بن عمرو ; ومن حديث ابن عباس ; ومن حديث أبي [ ص: 372 ] هريرة ; ومن حديث علي بن أبي طالب .

                                                                                                        أما حديث أبي الدرداء : فأخرجه أبو داود في " الأدب " ، والترمذي في " آخر الطب " عن أبي معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أبي الدرداء ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة ؟ قالوا : بلى ، : قال إصلاح ذات البين ، وفساد ذات البين ، الحالقة }انتهى .

                                                                                                        قال الترمذي : حديث حسن صحيح انتهى . وزاد فيه : { لا أقول : الحالقة التي تحلق الشعر ، ولكن تحلق الدين }انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد ، وابن راهويه ، والبزار في " مسانيدهم " ، وابن حبان في " صحيحه " في النوع الثالث والخمسين ، من القسم الثالث ، والبخاري في " كتابه المفرد في الأدب " ، والطبراني في " معجمه " ، والبيهقي في " شعب الإيمان " في الباب السادس والسبعين عن الحاكم بسنده عن أبي معاوية به ، قال البزار : لا نعلمه يروى بإسناد متصل أحسن من هذا ، وإسناده صحيح انتهى .

                                                                                                        وقال البيهقي : وقد رواه الزهري عن أبي إدريس الخولاني أن أبا الدرداء ، قال ، فذكره موقوفا ، ثم أخرجه كذلك ، وكذلك رواه البخاري في " كتابه المفرد في الأدب " عن الزهري به موقوفا .

                                                                                                        وأما حديث عبد الله بن عمرو : فرواه إسحاق بن راهويه ، وعبد بن حميد ، والبزار في " مسانيدهم " ، والطبراني في " معجمه " ، والبيهقي في " شعب الإيمان " كلهم عن عبد الرحمن بن زياد عن راشد بن عبد الله المعافري عن عبد الله بن يزيد عن عبد الله بن عمرو { أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أفضل الصدقة إصلاح ذات البين }انتهى .

                                                                                                        إلا أن الطبراني ، قال ، عوض عبد الله بن يزيد : عن أبي عبد الرحمن الجبلي عن ابن عمرو به .

                                                                                                        وأما حديث ابن عباس : فأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن عبد الله بن عرادة الشيباني عن إسماعيل بن رافع عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن كريب عن ابن عباس ، [ ص: 373 ] قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { دب إليكم داء الأمم قبلكم : الحسد ، والبغضاء ، هي الحالقة ، حالقة الدين ، لا حالقة الشعر ، ألا أخبركم بما هو خير لكم من الصوم والصلاة ؟ صلاح ذات البين ، صلاح ذات البين } ، انتهى .

                                                                                                        وضعف عبد الله بن عرادة عن البخاري ، وابن معين ، ووافقهما ، وقال : عامة ما يرويه لا يتابع عليه انتهى .

                                                                                                        وأما حديث أبي هريرة : فرواه البيهقي في " شعب الإيمان " فقال : حدثنا أبو بكر الفارسي ثنا أبو إسحاق الأصبهاني ثنا أبو محمد بن فارس ثنا محمد بن البخاري ثنا سليمان بن عبد الرحمن ثنا محمد بن حجاج ثنا يونس بن ميسرة بن حلبس عن مكحول عن أبي إدريس الخولاني عن أبي الدرداء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { ما عمل ابن آدم شيئا أفضل من الصلاة ، وصلاح ذات البين ، وخلق حسن }انتهى .

                                                                                                        وأما حديث علي : فرواه الطبراني في " معجمه " حدثنا أحمد بن علي الأبار ثنا أبو أمية عمرو بن هشام الحراني ثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي ثنا إسماعيل بن راشد ، قال : كان من حديث عبد الرحمن بن ملجم في قتله علي بن أبي طالب ، فذكر القصة بطولها . وفي آخرها ، قال : ثم إن عليا رضي الله عنه أوصى ، فكانت وصيته : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أوصى به علي بن أبي طالب أوصى أنه يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى ، ودين الحق ، ليظهره على الدين كله ، ولو كره المشركون ، { إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له } ، وبذلك أمرت ، وأنا من المسلمين ، ثم أوصيكما يا حسن ويا حسين ، وجميع أهلي وولدي ، ومن يبلغه كتابي بتقوى الله ربكم ، { ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ، واعتصموا بحبل الله جميعا ، ولا تفرقوا } ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { إن صلاح ذات البين أعظم من عامة الصلاة والصيام } ، الحديث بطوله .




                                                                                                        الخدمات العلمية