الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        قال : ( ولا يؤكل من حيوان الماء إلا السمك ) وقال مالك رحمه الله وجماعة من أهل العلم بإطلاق جميع ما في البحر ، واستثنى بعضهم الخنزير والكلب والإنسان .

                                                                                                        وعن الشافعي رحمه الله أنه أطلق ذلك كله ، والخلاف في الأكل والبيع واحد ، لهم قوله تعالى{ أحل لكم صيد البحر }من غير فصل ، وقوله عليه الصلاة والسلام في البحر { هو الطهور ماؤه والحل ميتته }ولأنه لا دم في هذه الأشياء ; إذ الدموي لا يسكن الماء ، والمحرم هو الدم فأشبه السمك . [ ص: 66 ] قلنا قوله تعالى: { ويحرم عليهم الخبائث }وما سوى السمك خبيث ، ونهى رسول الله عليه الصلاة والسلام عن دواء يتخذ فيه الضفدع ونهى عن بيع السرطان ، والصيد المذكور فيما روي محمول على الاصطياد ، وهو مباح فيما لا يحل ، والميتة المذكورة فيما روي محمولة على السمك وهو حلال مستثنى من ذلك لقوله عليه الصلاة والسلام : { أحلت لنا ميتتان ودمان أما الميتتان فالسمك [ ص: 67 ] والجراد وأما الدمان فالكبد والطحال }.

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الحادي والعشرون : قال عليه السلام في البحر : { هو الطهور ماؤه ، الحل ميتته }; قلت : تقدم في " الطهارة " . [ ص: 66 ] الحديث الثاني والعشرون : { نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دواء يتخذ فيه الضفدع }; قلت : أخرجه أبو داود في " الطب وفي الأدب " ، والنسائي في " الصيد " عن ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان القرشي { أن طبيبا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الضفدع يجعلها في دواء ، فنهى عن قتلها }انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد ، وإسحاق بن راهويه ، وأبو داود الطيالسي في " مسانيدهم " ، والحاكم في " المستدرك في الفضائل " عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي ، وسكت عنه ، وأعاده في " الطب " ، وقال : صحيح الإسناد ، ولم يخرجاه ، وقال البيهقي : هو أقوى ما ورد في الضفدع ، وسعيد بن خالد هو القارظي ضعفه النسائي ، ووثقه ابن حبان .

                                                                                                        وقال الدارقطني : مدني ، يحتج به ، قال المنذري في " حواشيه " : فيه دليل على تحريم أكل الضفدع ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن قتله ، والنهي عن قتل الحيوان ، إما لحرمته ، كالآدمي ، وإما لتحريم أكله كالصرد ، والهدهد والضفدع ، ليس بمحترم ، فكان النهي منصرفا إلى الوجه الآخر انتهى كلامه .

                                                                                                        وجهل من عزا هذا الحديث للبيهقي ، وترك سنن أبي داود ، والنسائي ، والله أعلم .

                                                                                                        الحديث الثالث والعشرون : روي { أنه عليه السلام نهى عن بيع السرطان }; قلت : غريب جدا .

                                                                                                        الحديث الرابع والعشرون : قال عليه السلام : { أحلت لنا ميتتان ودمان : أما الميتتان فالسمك ، والجراد ، وأما الدمان ، فالكبد والطحال }; قلت : أخرجه ابن ماجه في " كتاب الأطعمة " عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر ، قال قال رسول الله [ ص: 67 ] صلى الله عليه وسلم : أحلت لنا ، إلى آخره سواء .

                                                                                                        ورواه أحمد ، والشافعي ، وعبد بن حميد في " مسانيدهم " ; ورواه ابن حبان في " كتاب الضعفاء " ، وأعله بعبد الرحمن ، وقال : إنه كان يقلب الأخبار ، وهو لا يعلم ، حتى كثر ذلك في روايته من رفع الموقوفات ، وإسناد المراسيل ، فاستحق الترك ، انتهى .

                                                                                                        وأخرجه الدارقطني في " سننه " عن عبد الله ، وعبد الرحمن ابني زيد بن أسلم عن أبيهما ، وأخرجه ابن عدي في " الكامل " عن عبد الله فقط ، وعبد الله ، وعبد الرحمن ضعيفان ، إلا أن أحمد وثق عبد الله ، أسند ابن عدي إلى أحمد بن حنبل أنه قال : عبد الله ثقة ، وأخواه عبد الرحمن ، وأسامة ضعيفان ، قال ابن عدي : وهذا الحديث يدور على هؤلاء الإخوة الثلاثة ، وأسند ابن معين أنه قال : ثلاثتهم ضعفاء ، ليس حديثهم بشيء ، وأسند عن السعدي أنه قال : هم ضعفاء في غير خربة في دينهم ، قال ابن عدي : وابن وهب يرويه عن سليمان بن بلال موقوفا قال في " التنقيح " : وهو موقوف في حكم المرفوع ، وقال الدارقطني في " علله " : وقد رواه المسور بن الصلت عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه ابن زيد بن أسلم ، فرواه عن أبيه عن ابن عمر مرفوعا ، وغير ابن زيد يرويه عن زيد بن أسلم عن ابن عمر موقوفا ، وهو الصواب ، انتهى .

                                                                                                        قال في " التنقيح " : وهذه الطريق رواها الخطيب بإسناد إلى المسور بن الصلت ، والمسور ضعفه أحمد ، والبخاري ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم ، وقال النسائي : متروك الحديث انتهى .

                                                                                                        قلت : وله طريق آخر ، قال ابن مردويه في " تفسيره في سورة الأنعام " : حدثنا عبد الباقي بن قانع ثنا محمد بن بشر بن مطر ثنا داود بن راشد ثنا سويد بن عبد العزيز ثنا أبو هشام الأيلي ، قال : سمعت زيد بن أسلم يحدث عن ابن عمر ، قال : { قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يحل من الميتة اثنتان ، ومن الدم اثنان : فأما الميتة فالسمك ، والجراد ، وأما الدم ، فالكبد والطحال }انتهى .




                                                                                                        الخدمات العلمية