الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              [ 2737 ] وعن أبي برزة الأسلمي، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيما أفناه ، وعن جسده فيم أبلاه وعن علمه ما عمل به ، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه؟

                                                                                              رواه الترمذي (2417) ، ومن العجيب أن يدخل المؤلف -رحمه الله- هذا الحديث في التلخيص ويشرح مشكله في المفهم ولم يخرجه مسلم .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله : " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ") عبد هنا : يراد به العموم ; لأنه نكرة في سياق النفي ، لكنه مخصص بمن لا حساب عليه ، وهم الزمرة السابقة إلى الجنة أولا الذين يقال للنبي صلى الله عليه وسلم فيهم : " أدخل الجنة من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن " . وبقوله تعالى : يعرف المجرمون بسيماهم فيؤخذ بالنواصي والأقدام [ الرحمن : 41 ] ويؤيد هذا ما قد صح في الحديث : أنه " يخرج من النار عنق فيقول : وكلت بكل جبار " وكأن المراد بهذا الحديث الأكثر من الناس ، والله تعالى أعلم .

                                                                                              [ ص: 159 ] و (قوله : " عن عمره فيم أفناه ؟ وعن جسده فيم أبلاه ؟ وعن علمه ما عمل فيه ، وعن ماله من أين اكتسبه ؟ وفيم أنفقه ؟ ") ظاهره : أنه يسأل عن هذه الأربع مجملة كما نطق بها ، وليس كذلك ، بل يسأل عن آحاد كل نوع منها ، فيسأل عن أزمانه من وقت تكليفه زمانا زمانا ، وعما عمل ، عملا عملا ، وعن معلوماته ، وما عمل بها واحدا واحدا ، وهكذا في سائرها تعيينا ، وتعديدا وتفصيلا . والدليل على ذلك قوله تعالى : فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره [ الزلزلة : 7 - 8 ] وقالوا : يا ويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها وقوله : ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين [ الأنبياء : 47 ]

                                                                                              ومثل هذا كثير في الشريعة ، ومن تصفح ذلك حصل على العلم القطعي واليقين الضروري من ذلك .




                                                                                              الخدمات العلمية