الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                            صفحة جزء
                                                                                            12048 - وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال : شهدنا مع علي صفين ، وقد وكلنا بفرسه رجلين ، فكانت إذا كانت من الرجل غفلة غمز علي فرسه فإذا هو في عسكر القوم فيرجع إلينا وقد خضب سيفه دما ويقول : يا أصحابي ، اعذروني اعذروني . فكنا إذا توادعنا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء ، فكان عمار بن ياسر علما لأصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يسلك عمار واديا من أودية صفين إلا تبعه أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فانتهينا إلى هاشم بن عتبة بن أبي وقاص ، وقد ركز الراية ، فقال : ما لك يا هاشم أعورا [ ص: 241 ] وجبنا ؟ لا خير في أعور لا يغشى الناس . فنزع هاشم الراية وهو يقول : أعور يبغي أهله محلا

                                                                                            قد عالج الحياة حتى ملا

                                                                                            لا بد أن يفل أو يفلا .

                                                                                            فقال له عمار : أقبل ، فإن الجنة تحت الأبارقة ، وقد تزين الحور العين مع محمد وحزبه في الرفيق الأعلى . فما رجعا حتى قتلا . وكنا إذا توادعنا دخل هؤلاء في عسكر هؤلاء وهؤلاء في عسكر هؤلاء ، فنظرت فإذا أربعة يسيرون : معاوية ، وأبو الأعور السلمي ، وعمرو بن العاص وابنه ، فقلت في نفسي : إن أخذت عن يميني اثنين لم أسمع كلامهم ، فاخترت لنفسي أن أضرب فرسي فأفرق بينهم ، ففعلت ، فجعلت اثنين عن يميني واثنين عن يساري ، فجعلت أصغي بسمعي أحيانا إلى معاوية وإلى أبي الأعور ، وأحيانا إلى عمرو بن العاص ، وإلى عبد الله بن عمرو ، فسمعت عبد الله بن عمرو يقول لأبيه : يا أبت ، قد قتلنا هذا الرجل ، وقد قال فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال . قال : وأي رجل ؟ قال : عمار بن ياسر ، أما سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول يوم بناء المسجد ، ونحن ننقل لبنة لبنة ، وعمار يحمل لبنتين لبنتين ، وأنت ترحض : " أما إنه ستقتلك الفئة الباغية ، وأنت من أهل الجنة " . فقال معاوية : اسكت ، فوالله ما تزال تدحض في بولك ، أنحن قتلناه ، إنما قتله من جاءوا به فألقوه بين رماحنا . قال : فتنادوا في عسكر معاوية : إنما قتل عمارا من جاء به .

                                                                                            رواه الطبراني ، وأحمد باختصار ، وأبو يعلى بنحو الطبراني ، والبزار بقوله : " تقتل عمارا الفئة الباغية " عن عبد الله بن عمرو وحده ، ورجال أحمد ، وأبي يعلى ثقات .

                                                                                            التالي السابق


                                                                                            الخدمات العلمية