الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما إذا استحالت العين: مثل أن يصير ذلك ملحا أو رمادا أو نحو ذلك، ففيه نزاع مشهور. والجمهور على أنه يطهر بالاستحالة، كما هو مذهب أكثر أهل الرأي وأهل الظاهر، وأحد القولين في مذهب مالك وأحمد، واتفقوا على أن الخمر المنقلبة بفعل الله تعالى خلا أنها تطهر.

وأما الطريق الثاني: وهو بيان أن ما ذكره ليس بدليل صحيح على حدوث الأجسام - فإن المعترض يقول: قوله: (إن القديم إذا حصل على صفة من صفات لم يجز خروجه عنها) كلام مجمل، قد يراد به أنه إذا حصل على صفة لازمة لذاته لم يجز خروجه عنها. وقد يريد به إذا حصل على حال عارضة له، سواء كان نوعها لازما له أو لم يكن لازما لذاته، مثل الفعل والعمل، سواء سمي حركة أو لم يسم: كالإتيان [ ص: 326 ] والمجيء والنزول والمناداة والمناجاة، وأمثال ذلك مما تنازع فيه الناس: هل يقوم بالقديم أم لا؟.

فجمهور أهل السنة والحديث المتبعون للسلف، والأئمة من السلف والخلف، مع كثير من طوائف الكلام، وأكثر الفلاسفة: يجوزون أن يقوم بالقديم ما يتعلق بمشيئته وقدرته من الأفعال وغير الأفعال، فيقول هؤلاء: قول القائل: إن القديم الحاصل على صفة، لا يجوز خروجه عنها، إن أراد به مواقع الإجماع: مثل صفات الكمال اللازمة لذات الله، أو نوع الصفات اللازم لذات الله تعالى، فهذا لا نزاع فيه.

وإن أراد به أعيان الحوادث، فما الدليل على أن القديم إذا قام به حال من غير هذه الأحوال المعينة، لم يجز خروجه عنها؟

التالي السابق


الخدمات العلمية