الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وأما المقام الثاني فكلام من لا ينفي هذه الأمور التي يحتج بها عليه نفاة العلو على العرش ليس لها أصل في الكتاب والسنة، بل قد يثبتها أو يثبت بعضها لفظا أو معنى، أو لا يتعرض لها بنفي ولا إثبات، وهذا المقام هو الذي يتكلم فيه سلف الأمة وأئمتها وجماهير أهل الحديث وطوائف من أهل الكلام والصوفية وغيرهم، وكلام هؤلاء أسد في العقل والدين؛ حيث ائتموا بما في الكتاب والسنة، وأقروا بفطرة الله التي فطر عليها عباده، فلم يغيروا، وجعلوا كتب الله التي بعث بها رسله هي الأصل في الكلام، وأما الكلام المجمل المتشابه الذي يتكلم به النفاة، ففصلوا مجمله، ولم يوافقوهم على لفظ مجمل قد يتضمن نفي معنى حق ولا وافقوهم أيضا على نفي المعاني التي دل عليها القرآن والعقل وإن شنع النفاة على من يثبت ذلك أو عزموا أن ذلك يقدح في أدلتهم وأصولهم.

والكلام عليه من وجوه:

أحدها: أن يقال قوله: وأما القسم الثالث، وهو أن يقال كل متناه من كل الجوانب، فهذا باطل من وجهين: الأول: أن كل ما كان متناهيا من جميع الجوانب كانت [ ص: 752 ] حقيقته قابلة للزيادة والنقصان، وكل ما كان كذلك كان محدثا على ما بيناه. فيقال له: قد تقدم الكلام على هذه الحجة، وبينا أن جماهير بني آدم من المسلمين واليهود والنصارى والصابئين والمجوس والمشركين يخالفونك في هذه المقدمة، وبينا فساد ما ذكرته من الحجة عليها بوجوه كثيرة بيانا واضحا، ونحن نحيل على ما ذكرناه هناك كما أحال هو عليه.

التالي السابق


الخدمات العلمية