الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( وأما ) الشركة بالمكيلات ، والموزونات التي ليست بأثمان مطلقة والعدديات المتقاربة التي لا تتفاوت فلا تجوز قبل الخلط ، في قولهم جميعا ; لأنها إنما تتعين بالتعيين ، إذا كانت عينا فكانت كالعروض ; ولأن الوكالة التي تتضمنها الشركة فيها لا تصح قبل الخلط ألا يرى أنه لو قال آخر قبل الخلط : بع حنطتك على أن يكون ثمنها بيننا لم يجز وسواء كانت الشركة من جنسين أو من جنس واحد .

                                                                                                                                وأما بعد الخلط : فإن كانت الشركة في جنسين مختلفين لا تجوز في قولهم جميعا ; لأن الحنطة إذا خلطت بالشعير ، خرجت من أن تكون ثمنا بدليل أن مستهلكها يضمن قيمتها ، لا مثلها وإن كانت من جنس واحد ، فكذلك عند أبي يوسف : لا تصح ، وإنما تصير شركة ملك وعند محمد : تصح الشركة فيها بعد الخلط وفائدة الاختلاف تظهر فيما إذا كان المكيل نصفين ، وشرطا الربح أثلاثا ، فخلطاه واشتريا به فعلى قول أبي يوسف : الربح بينهما على قدر المالين نصفين وعلى قول محمد : على ما شرطا فقول أبي يوسف مطرد على الأصل الذي ذكرنا ، أن المكيلات ، والموزونات والمعدودات المتقاربة ليست أثمانا على كل حال ، بل تكون تارة ثمنا ، وتارة مبيعا ; لأنها تتعين بالتعيين في الجملة ، فكانت كالفلوس .

                                                                                                                                ( ووجه ) التخريج لمحمد : أن معنى الوكالة التي تتضمنها الشركة ثابت بعد الخلط ، فأشبهت الدراهم والدنانير بخلاف ما قبل الخلط ; لأن الوكالة التي من مقتضيات الشركة لا يصح فيها قبل الخلط ، والحيلة في جواز الشركة بالمكيلات ، وسائر الموزونات ، والعدديات المتقاربة على قول أبي يوسف أن يخلطا حتى تصير شركة ملك بينهما ، ثم يعقدا عليها عقد الشركة ، فيجوز عنده أيضا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية