الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فأما ) البلوغ ، فليس بشرط حتى يصح صلح الصبي في الجملة ، وهو الصبي المأذون إذا كان له فيه نفع ، أو لا يكون له فيه ضرر ظاهر بيان ذلك إذا وجب للصبي المأذون على إنسان دين ، فصالحه على بعض حقه فإن لم يكن له عليه بينة جاز الصلح ; لأن عند انعدام البينة لا حق له إلا الخصومة ، والحلف والمال أنفع له منهما ، وإن كان له عليه بينة لا يجوز الصلح ; لأن الحط تبرع ، وهو لا يملك التبرعات .

                                                                                                                                ولو أخر الدين جاز سواء كانت له بينة ، أو لا فرقا بينه وبين الصلح ; لأن تأخير الدين من أعمال التجارة ، والصبي المأذون في التجارات كالبالغ ألا ترى أنه يملك التأجيل في نفس العقد بأن يبيع بأجل ، فيملكه متأخرا عن العقد أيضا بخلاف الحط ; لأنه ليس من التجارة ، بل هو تبرع فلا يملكه إلا أنه يملك حط بعض الثمن لأجل العيب ; لأن حط بعض الثمن للعيب قد يكون أنفع من أخذ المبيع المعيب فكان ذلك من باب التجارة ، فيملكه ولو صالح الصبي المأذون من المسلم فيه على رأس المال جاز ; لأن الصلح من المسلم فيه على رأس المال إقالة للعقد والإقالة من باب التجارة ، وكذلك لو اشترى سلعة وظهر بها عيب فصالح البائع على أن قبلها جاز ; لأن الثمن أنفع من المبيع المعيب عادة .

                                                                                                                                ولو صالحه البائع ، فحط عنه بعض الثمن لا شك فيه أنه يجوز ; لأن الحط من البائع تبرع منه على الصبي ، فيصح .

                                                                                                                                ولو ادعى إنسان [ ص: 41 ] عليه دينا فأقر به ، فصالحه على أن حط عنه البعض جاز ; لأن إقرار الصبي المأذون بالدين صحيح ، فكان الصلح تبرعا على الصبي بحط بعض الحق الواجب عليه ، والصبي من أهل أن يتبرع عليه ، فيصح .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية