الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                فأما دعوى الخارجين على ذي اليد الملك .

                                                                                                                                فنقول لا تخلو في الأصل من أحد وجهين إما أن يدعي كل واحد منهما قدر ما يدعي الآخر وإما أن يدعي أكثر مما يدعي الآخر فإن ادعى كل واحد منهما قدر ما يدعي الآخر فهو على التفصيل الذي ذكرنا أيضا وهو أن البينتين إما أن قامتا على ملك مطلق عن الوقت وإما أن قامتا على ملك موقت وإما أن قامت إحداهما على ملك مطلق والأخرى على ملك موقت وكل ذلك بسبب أو بغير سبب فإن قامت البينتان على ملك مطلق من غير سبب فإنه يقضى بالمدعى بينهما نصفين عند أصحابنا وللشافعي رحمه الله قولان في قول تتهاتر البينتان ويترك المدعى في يد صاحب اليد وفي قول يقرع بينهما فيقضى لمن خرجت له القرعة منهما وجه قول الشافعي رحمه الله أن العمل بالبينتين متعذر لتناف بين موجبهما لاستحالة كون العين الواحدة مملوكة لاثنين على الكمال في زمان واحد فيبطلان جميعا إذ ليس العمل بإحداهما أولى من العمل بالأخرى لاستوائهما في القوة أو ترجح إحداهما بالقرعة لورود الشرع بالقرعة في الجملة .

                                                                                                                                ( ولنا ) أن البينة دليل من أدلة الشرع والعمل بالدليلين واجب بالقدر الممكن فإن أمكن العمل بهما من كل وجه يعمل بهما من كل وجه وإن لم يمكن العمل بهما من كل وجه يعمل بهما من وجه كما في سائر دلائل الشرع من ظواهر الكتاب والسنن المشهورة وأخبار الآحاد والأقيسة الشرعية إذا تعارضت وهنا إن تعذر العمل بالبينتين بإظهار الملك في كل المحل أمكن العمل بهما بإظهار الملك في النصف فيقضى لكل واحد منهما بالنصف .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية