الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ومنها عدد التحمل ، وهو أن يتحمل من كل واحد من شاهدي الأصل اثنان ، حتى لو تحمل من أحدهما واحد ، وتحمل من الآخر واحد لا يصح التحمل ; لأن الشهادة حق ثابت في ذمة الشاهد ، والحقوق الثابتة في الذمم لا ينقلها إلى القاضي إلا شاهدان ، ولو تحمل اثنان من أحدهما شهادته ، ثم تحملا من الآخر شهادته جاز التحمل ; لأنه اجتمع على التحمل من كل واحد منهما شاهدان ، فأما الذكورة في تحمل هذه الشهادة فليست بشرط حتى يصح التحمل فيها من النساء .

                                                                                                                                ( وأما ) صورة أداء هذه الشهادة فلها لفظان أيضا : مختصر ، ومطول فالمختصر أن يقول : " شهد فلان عندي أن لفلان على فلان كذا وأشهدني على شهادته بذلك فأنا أشهد على شهادته بذلك " .

                                                                                                                                وأما المطول فهو أن يقول : " شهد عندي فلان أن لفلان على فلان كذا ، وأشهدني على شهادته بذلك ، وأمرني أن أشهد على شهادته بذلك ، وأنا أشهد الآن على شهادته بذلك " ، ولو لم يقل : " وأمرني أن أشهد على شهادته بذلك " جاز ; لأن معنى التحمل والإنابة يتأدى بقوله : " أشهدني على شهادته " فكان قوله : " أمرني بذلك من باب التأكيد " وأما شرائطها فما ذكرناه كسائر الشهادات والذي يختص بهذه الشهادة أن يكون المشهود عليه ميتا ، أو غائبا مسيرة سفر ، أو مريضا لا يستطيع أن يحضر مجلس القضاء ; لأن جواز هذه الشهادة للحاجة والضرورة ، ولا تتحقق الضرورة إلا في هذه المواضع وأما الذكورة فليست بشرط لأداء هذه الشهادة فتقبل فيها شهادة النساء مع الرجال لقوله تبارك وتعالى { فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء } فظاهر النص يقتضي أن يكون للنساء مع الرجال شهادة على الإطلاق من غير فصل ، إلا ما قيد بدليل ; ولأن قضية القياس أن لا تشترط الذكورة والأصل في عموم الشهادات ، إلا أن اشتراط الذكورة في شهادة الأصول على الحدود والقصاص ثبت بنص خاص ، وهو حديث الزهري - رحمه الله - لتمكن شبهة في شهادتهن ليست في شهادة الرجال ، واشتراط الأصالة في الشهادة لتمكن زيادة شبهة في شهادة الفروع ليست في شهادة الأصول ، وهو الشبهة في الشهادتين على ما ذكرنا ، فشرط ذلك احتيالا لدرء ما يندرئ بالشبهات ، والأموال والحقوق مما ثبت بالشبهة فثبت على أصل القياس ، والله سبحانه وتعالى أعلم .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية