الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
دور التراث في مواجهة المشكلة الاجتماعية

والسؤال هـو كيف يمكن أن نتخطى ذلك كله؟

وما هـو دور التراث في مواجهة المشكلة الاجتماعية؟ إذ يلزمنا أن نحدد بوضوح ما نريده من التراث!:

نحن بحاجة إلى قيم أخلاقية ومثل عليا نرسي عليها قواعد حياتنا الاجتماعية، ونضبط بها سلوك الأفراد والجماعات، ولا شك أن الاعتماد على القيم السائدة ليس فيه كبير غناء، إذ إن القناعات القائمة صارت تزعزعها أعاصير الحضارة الغربية وقيمها الفلسفية والاجتماعية دون أن تتمكن من الصمود.. ذلك لأن بعضها توارثته الأجيال دون فحص لجدواه وصلاحه، ولا نستطيع إرجاع الكثير منها أصول صحيحة مستمدة من القرآن والسنة.

وما له أصل من الكتاب أو السنة شابته شوائب وعلقت به عوارض [ ص: 48 ] شوهت صفاءه وأضعفت الثقة به.. من أجل ذلك لا بد من العودة إلى الجذور..

وإذا كانت مصادرنا الموثقة من القرآن والسنة تعطينا نظرية خلقية عميقة وشاملة وفعالة.. فإن التراث أدبا وتاريخا واجتماعا يقدم النماذج والتطبيقات التاريخية التي تعمق القيم الخلقية الإسلامية في قلوب الجماهير، وتعطيها أبعادها التفصيلية المتنوعة، على أن التراث يحتاج إلى عملية إفراز واختيار إذ فيه شوائب كثيرة، وانحرافات عن التصور الصحيح نتيجة التفاعل بين أذواق الكتاب والفكرة الإسلامية.. وعدم التزام العديد منهم بتصوير القيم القرآنية بدقة..

إن الانحراف قد يرجع إلى عدم استيعاب تلك القيم، ولكنه أحيانا يبدو انحرافا مقصودا مخططا له من قبل القوى المعادية للإسلام عبر الصراع التاريخي الطويل...

إن العودة إلى الجذور لإحياء القيم الأخلاقية صارت ضرورة حتمية لحياتنا المعاصرة؛ قبل أن نفقد هـويتنا الخلقية ونذوب وسط المادية ونظرياتها الوصفية.. إن " الحلال والحرام " لا يزالان يحكماننا في الكثير من جوانب حياتنا؛ حتى بعد اختفاء علاقتهما بالدين في أذهان الملايين من المسلمين الذين لم يعد يربطهم بالإسلام سوى أسمائهم العربية!!

أن صوت الضمير مهما بدا خافتا لكنه لا يزال يؤثر في " اللاشعور " [ ص: 49 ] ويؤدي إلى الإحجام عن الجريمة أحيانا أو التخفيف من أضرارها على الأقل أحيانا أخرى.

التالي السابق


الخدمات العلمية