الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
معوقات الوحدة

إن أبرز المعوقات تتمثل في التوجهات الوطنية والإقليمية، حيث تتركز مصالح فئوية معينة، وتبذل الجهود لتجميد الأوضاع القائمة وتكريس التجزئة، وتتنوع المصالح من سياسية واقتصادية، فمن الواضح أن التقسيم الذي حددته معاهدة سايكس بيكو يحظى بتأييد من قوى محلية وعالمية عديدة.

إن مظاهر التنسيق بين الدول العربية، وبينها وبين الدول الإسلامية الأخرى تجعل الاتحاد الكونفيدرالي مرشحا مقبولا خلال العقود القريبة توافق عليه القوى المحلية والإقليمية الغنية والفقيرة.

وإذا ثبت نجاح التنسيق الاقتصادي والسياسي، فإنه سيقوي التوجهات الوحدوية، إذ ستتبدد المخاوف التي تشكل عقبات على الطريق عندما يتضح. [ ص: 109 ] أن التضحيات ليست كبيرة، وأن مغانم الوحدة أعظم من مغارمها.

إن الوعي الإسلامي لدى النخبة فضلا عن الجمهور لم يبلغ المستوى الذي يقود المنطقة إلى وحدة المواقف على المستويين العربي والإسلامي.

ولو تأملنا في تاريخ صدر الإسلام لرأينا التباين الاقتصادي بين الأقاليم واضحا، فليست اليمامة مثل سواها فهي إقليم زراعي غني، وكذلك العراق ومصر فهما أغنى بكثير من الشام. ولم تحل الدولة الواحدة بين الأقاليم وغناها، إذ إن الزكاة لا تنقل من إقليم إلا إذا فاضت عن حاجة فقرائه. وقد بقيت الأقاليم الغنية على غناها رغم ما تفيضه من فضول الأموال على عاصمة الدولة وخاصة من الأراضي الخراجية. وفي العصر الحديث تتجه أوروبا إلى الوحدة رغم التباين الاقتصادي الواضح بين دولها، حيث الغنى الظاهر في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا ، والفقر في إيطاليا وأسبانيا .

ولا شك أن القوة العالمية تبذل كل ما في وسعها لعرقلة التوجهات الوحدوية حذرا من أخطارها السياسية والاقتصادية على المصالح الأجنبية، ولكن عندما يبلغ الوعي المستوى المناسب للوحدة فإن القوى الخارجية لن تتمكن من وقف التطور السياسي والاجتماعي، كما أثبتت أحداث كثيرة في النصف الثاني من القرن العشرين.

التالي السابق


الخدمات العلمية