الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
أثر المصالح السياسية والاقتصادية تتكامل المواد الخام اللازمة للصناعات في العالم الإسلامي، فتتوافر الطاقة في دول الخليج العربي، كما تتوافر الطاقة البشرية في مصر وباكستان وأندونيسيا ونيجريا ، وتوجد المياه الوافرة في منطقة الهلال الخصيب ومصر والسودان والباكستان . كما تتوافر مساحات الأرض الشاسعة الصالحة للزراعة في أحواض الأنهار القديمة في تلك البلاد، حيث قامت أول الحضارات الزراعية في العالم.

إن اتحادا يضم مليارا من المسمين هـم خمس قوى سكان الأرض، ويحتل مساحة تقرب من ربع مساحة المعمورة، ويضم في باطن أرضه أهم مصادر الطاقة، ويتمتع بأعماق استراتيجية هـائلة، ويطل على ثلاثة محيطات (الهادي، الأطلسي، الهندي) لابد أن يكون له ثقل سياسي كبير إذا انتظمت قواه وطاقاته ودرج على سلم الحضارة.

ولكن وحدة العرب وكذلك وحدة المسلمين ليست بذاتها بلسما. [ ص: 112 ] لجراحات الأمة ولا حلا سحريا لمشكلاتها الاجتماعية والاقتصادية، بل هـي الثمرة الكبيرة للعودة إلى الإسلام واستيعاب مضامينه الحضارية وإعادة صياغة الشخصية الإسلامية وفق روحه وتعاليمه.

إن حزمة من العيدان المنخورة لا يمكن أن تستعصي على الكسر، لكن حزمة من العصي السليمة يصعب كسرها أو يستحيل.

إن بناء الفرد المسلم والعائلة المسلمة ومجتمع المدينة المسلم ومجتمع القطر المسلم هـو النواة السليمة لإعادة الوحدة الإسلامية، وهذه الوحدة تحقق القوة الاقتصادية والسياسية لعالم الإسلام في القرن المقبل، والذي ستزداد في تكتلات الأمم قوة ورسوخا.

إن حل المشاكل المحلية لا يتوقف على تحقيق الوحدة، بل لا بد من مباشرة البناء الحضاري على المستويات الإقليمية. بل والسعي لحل المشاكل السياسية، وفي مقدمتها القضية المركزية فلسطين، وذلك بدعم الحركة الجهادية المعاصرة عربيا وإسلاميا ودوليا، وعلى الصعيد الشعبي والرسمي.

إن التعامل مع الواقع لا يعني القبول به، ولكن ليس من المنطق السليم والسياسة الحكيمة رفض الواقع برمته، كما أن ثمة جوانب إيجابية في مجتمعاتنا القائمة وأخرى سلبية، فلا ينبغي خلط الأوراق، بل لا بد من روحية اجتماعية تعالج الواقع وتتفاعل معه بدل العزلة عنه والانغلاق على الذات والعيش في الخيال والأحلام.

إن التنمية الاجتماعية والاقتصادية هـي السبيل لدعم الواقع الإسلامي والقضاء على الظواهر المرضية فيه، لكن أية تنمية لن تحقق أغراضها دون إحياء الروح الإسلامية واليقظة الدينية، أي انبثاق الوعي الإسلامي من جديد بصورة شاملة تستهدف تجديد الروح، وانطلاق الفكر، وازدياد الفعل الحضاري بإطلاق كوامن الطاقات ورصيد التاريخ الطويل لإحداث التغيير المطلوب في الواقع. [ ص: 113 ] إن تقوية المصالح بين الأقطار الإسلامية بربطها بشبكة مواصلات متقدمة (طيران، سكك حديد، مواصلات برية) ، والقيام بمشروعات اقتصادية مشتركة، وإتاحة التنقل أمام الطاقة البشرية مع تبادل العمالة، والخبرة الفنية، وإتاحة تكافؤ الفرص في الكسب والقضاء والتعليم والنظرة الاجتماعية، كلها خطوات على الطريق الصحيح. بل إن تحقيق وحدة أية قومية إسلامية هـي خطوة على الطريق إذا لم تقم على أسس أيديولوجية مخالفة للإسلام كالعنصرية والتمييز بكل أنواعه أو العلمانية أو التوجهات المادية الأخرى [ ص: 114 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية