الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
          مقدمـة

          إن حقوق الإنسان قضية قديمة قدم الإنسانية. وقد اعترضت معالجتها مشكلات كثيرة، وخضعت لحركة مد وجزر لا تكاد تنتهي، بسبب اختلاف الناس مع اختلاف العصور في تحديد مشمولات هـذه الحقوق وأبعادها ومن يجب عليه أداؤها ومن يستحقها... الخ. وعبارة «حقوق الإنسـان» الأساسية بالنسـبة إلى المسلمين لا تعد أمرا مستحـدثا، ومن المحتمل أن يكون في نظر غيرنا بداية تاريخ هـذه الحقوق منذ أن أقرت جمعية الأمم المتحدة ميثاق حقوق الإنسان، أو تكون بدايته من وقت ظهور الوثيقـة العظـمى (MAGNA CARTA) التي أكره النبلاء الإنجـليز الملك جون على إقرارها في عام 1215 الميـلادي [1] . ولكن نحن المسلمين يرجع تصورنا لحقوق الإنسان الأساسية إلى تاريخ أقدم من ذلك بكثير. وفي هـذا السياق نلقي نظرة إجمالية سريعة على تاريخ تطور الشعور الإنسـاني عن حقوق الإنسـان، قبل معالجة هـذا الموضوع، في إطار الحديث النبوي: [ ص: 39 ] 1- إن الوثيقة التي أقر بها الملك «جون» في إنجلترا عام 1215 الميلادي كان قد أقر بها تحت ضغط الأمراء، والنبلاء الإنجليز. وكانت الوثيقة بمثابة الاتفاق بين الملك والأمراء، ولذلك تضمنت في كثير من النواحي مصالح الأمراء، ولم تتطرق إلى حقوق عامة الناس [2] . 2- كان لكتيب التوماس بائين بين (1737-1809م) المسمى بـ «الحقوق الإنسانية» (RIGHTS OFMAN) تأثير انقلابي في أذهان أهل الغرب، وإن هـذا الكتيب هـو الذي عمم في الدول الغربية نظرية حقوق الإنسان في عام 1791م. والمؤلف لم يكن يؤمن بدين سماوي، كما أن العصر الذي ولد فيه كان عصر التمرد على الدين. ولذلك ظن عامة الناس أن الأديان السماوية تخلو من حقوق الإنسان [3] . 3- يعتبر «ميثاق حقوق الإنسان» DECLARATION OF THE RIGHTS OFMAN) أهم صفحة في تاريخ الثورة الفرنسية. وظهر هـذا الميثاق في عام1791م [4] . وكان ثمرة للفلسفة الاجتماعية التي سادت في القرن الثامن عشر ونظرية «روسو» عن العقد الاجتماعي [5] . [ ص: 40 ] 4- بدأ مفهوم حقوق الإنسان يتبلور بصورة أوضح من خلال مبدأ الحريات الأربع: (حرية التعبير، والحرية الدينية، والتحرر من الفقر والعوز، والتحرر من الخوف) الذي أعلن عنه الرئيس الأمريكي «فرانكلين روزفلت» (1882-1942م) [6] . وعلى المستوى الإقليمي أصبح مبدأ حق الشعوب في الاستقلال الوطني تعبيرا ذا مدلول محدد وجديد ضمن مفاهيم الحرية، جاء به ميثاق الأطلنطي الذي أعلن عنه الرئيسـان: الأمريكي «روزفلت» والبريطاني «تشرشل» عام 1941م [7] . 5- ثم إن جمـعية الأمم المتحـدة واصلت إصـدار قرارات تؤكد على حفظ الحقـوق. وأخيرا ظهر الميثاق العالمي لحقوق الإنسان على مسرح العالم [8] . ووثيقة حقوق الإنسان العالمية التي أقرت في 10 ديسمبر 1948م سجل في مقدمتها أن القصد من وراء هـذه الوثيقة هـو التأكيد على الالتزام بحقوق الإنسان الأساسية، وكرامة الفرد وأهميـته، والمساواة بين حقوق الرجل والمرأة. كما جعلت من أهداف جمعية الأمم المتحدة توفير التعاون بين الدول [ ص: 41 ] للإبقاء على احترام حقوق الإنسان، وتوفير الحريات الأساسية لجميع الناس بقطع النظر عن الجنس واللون واللغة والدين [9] . ويتضح من هـذا، أن الغرب لا ترجع فكرة الحقوق الإنسـانية عنده إلا إلى ثلاثة قرون مضت.

          التالي السابق


          الخدمات العلمية