الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( وأدنى ما يجزئ من القراءة في الصلاة آية عند أبي حنيفة رحمه الله ، [ ص: 332 ] وقالا : ثلاث آيات قصار أو آية طويلة ) لأنه لا يسمى قارئا بدونه فأشبة قراءة ما دون الآية .

وله قوله تعالى { فاقرءوا ما تيسر من القرآن } من غير فصل [ ص: 333 ] إلا أن ما دون الآية خارج والآية ليست في معناه

التالي السابق


( قوله وأدنى ما يجزئ إلخ ) القراءة فرض وواجب وسنة ومكروه ، فالفرض عنده في رواية [ ص: 332 ] ما يطلق عليه اسم القرآن ولم يشبه قصد خطاب أحد ونحوه ، وفي رواية آية وفي رواية كقولهما .

والواجب قراءة الفاتحة وثلاث آيات قصار أو آية طويلة : يعني في غير الأخريين والأخيرة من المغرب

والمسنونة إما في السفر أو في الحضر ، ويعلم من الكتاب والمكروه ترك شيء من القراءة الواجبة .

وفي شرح الطحاوي : قراءة الفاتحة وآية أو آيتين مكروه .

وفي المجتبى : ما ذكره الطحاوي يدل على أنه لو قرأ مع الفاتحة آية طويلة لا يكون إتيانا بالواجب .

واختلف المشايخ على قولهما فيما لو قرأ آية طويلة كآية الكرسي قيل لا يجوز ، وعامتهم أنه يجوز ، وإذا كانت هذه الأقسام ثابتة في نفس الأمر فما قيل لو قرأ البقرة ونحوها وقع الكل فرضا ، وكذا إذا أطال في الركوع والسجود مشكل ، إذ لو كان كذلك لم يتحقق قدر للقراءة إلا فرضا فأين باقي الأقسام .

وجه القيل المذكور وهو قول الأكثر

والأصح أن قوله تعالى { فاقرءوا ما تيسر } يوجب أحد الأمرين من الآية فما فوقها مطلقا لصدق ما تيسر على كل ما قرئ فمهما قرئ يكون الفرض ، ومعنى قسم السنة من الأقسام المذكورة أن يجعل الفرض على الوجه المذكور ، وهو ما كان عليه الصلاة والسلام يجعله عليه وهو جعله بعدد أربعين مثلا إلى مائة .

ومما يكره القراءة خلف الإمام وفي غير حالة القيام وتعيين شيء من القرآن بشيء من الصلاة ، ثم عنده لو قرأ آية هي كلمات أو كلمتان نحو { فقتل كيف قدر } أو { ثم نظر } جازت بلا خلاف بين المشايخ ، أما لو كانت كلمة اسما أو حرفا نحو : مدهامتان ص ق ن فإن هذه آيات عند بعض القراء اختلف فيه على قوله ، والأصح أنه لا يجوز لأنه يسمى عادا لا قارئا وكون نحو ص حرفا غلط ، بل الحرف مسمى ذلك وهو ليس المقروء ، والمقروء هو الاسم صاد كلمة ، فالصواب في التقسيم أن يقال هي كلمتان أو كلمة ، ولو قرأ نصف آية طويلة مثل آية الكرسي والمداينة قيل لا يجوز لعدم الآية ، وعامتهم على الجواز لأنه يزيد على ثلاث قصار ، وتعيين الآية ليصير قارئا عرفا وهو بذلك كذلك ، أما الكراهة فثابتة ما لم يقرأ الواجب إلا فيما بعد الأوليين من الفرض ، ولو قرأ نصف آية مرتين أو كرر كلمة مرارا حتى بلغ قدر آية لا يجوز .

( قوله لأنه لا يسمى قارئا بدونه ) أي بدون المذكور عرفا ( قوله وله قوله تعالى { فاقرءوا ما تيسر من القرآن } من غير فصل ) فكان مقتضاه الجواز بدون الآية ، وبه جزم القدوري فقال : [ ص: 333 ] الصحيح من مذهب أبي حنيفة رحمه الله أن ما يتناوله اسم القرآن يجوز وهو قول ابن عباس ، فإنه قال : اقرأ ما تيسر معك من القرآن ، وليس شيء من القرآن بقليل ، ولأن ما يتناول اسم الواجب يخرج عن العهدة فدفعه المصنف بقوله إلا أن ما دون الآية خارج منه : أي من النص إذ المطلق ينصرف إلى الكامل في الماهية : ولا يجزم بكونه قارئا عرفا به فلم يخرج عن عهدة ما لزمه بيقين إذ لم يجزم بكونه من أفراده فلم تبرأ به الذمة خصوصا والموضع موضع الاحتياط ، بخلاف الآية إذ ليست في معناه : أي معنى ما دون الآية بل يطلق عليه قارئا بها ، فمبنى الوجه من الجانبين قوله تعالى { فاقرءوا ما تيسر } وأما مبنى الخلاف فقيل على أن الحقيقة المستعملة عنده أولى من المجاز المتعارف .

وعندهما بالقلب معناه أن كونه غير قارئ مجاز متعارف وكونه قارئا بذلك حقيقة تستعمل ، فإنه لو قيل هذا قارئ لم يخطئ المتكلم نظرا إلى الحقيقة اللغوية ، وفيه نظر ، فإنه منع ما دون الآية بناء على عدم كونه قارئا عرفا ، وأجاز الآية القصيرة لأنها ليست في معناه : أي في أنه لا يعد به قارئا بل يعد به قارئا عرفا ، فالحق أنه مبني على الخلاف في قيام العرف في عده قارئا بالقصيرة .

قالا : لا يعد وهو يمنع .

نعم ذاك مبناه على رواية ما يتناوله اسم القرآن .

وفي الأسرار ما قالاه احتياط ، فإن قوله { لم يلد } { ثم نظر } لا يتعارف قرآنا وهو قرآن حقيقة ، فمن حيث الحقيقة حرم على الحائض والجنب ، ومن حيث العرف لم تجز الصلاة به احتياطا فيهما




الخدمات العلمية