الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
647 452 - (646) - (1 \ 84 - 85) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: سمعت أمير المؤمنين عليا يقول: اجتمعت أنا وفاطمة، والعباس، وزيد بن حارثة، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال العباس: يا رسول الله، كبر سني، ورق عظمي، وكثرت مؤنتي، فإن رأيت يا رسول الله أن تأمر لي بكذا وكذا وسقا من طعام فافعل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نفعل" فقالت فاطمة: يا رسول الله، إن رأيت أن تأمر لي كما أمرت لعمك فافعل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نفعل ذلك " ، ثم قال زيد بن حارثة: يا رسول الله، كنت أعطيتني أرضا كانت معيشتي منها، ثم قبضتها، فإن رأيت أن تردها علي فافعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نفعل ذاك " قال: فقلت: أنا: يا رسول الله، إن رأيت أن توليني هذا الحق الذي جعله الله لنا في كتابه من هذا

[ ص: 341 ] الخمس، فأقسمه في حياتك كي لا ينازعنيه أحد بعدك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " نفعل ذاك " فولانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمته في حياته،
ثم ولانيه أبو بكر فقسمته في حياته، ثم ولانيه عمر - رضي الله عنه - ، فقسمته في حياته، حتى كانت آخر سنة من سني عمر; فإنه أتاه مال كثير.

التالي السابق


* قوله: "كبر" : كفرح.

* "ورق" : أي: ضعف.

* "مؤنتي" : بكثرة الأهل.

* "وسقا" : - بفتح فسكون - : مقدار معلوم.

* "لنا" : أي: لذوي القربى في قوله تعالى: واعلموا أنما غنمتم من شيء [الأنفال: 41] الآية.

* "فإنه أتاه مال كثير" : فيه اختصار، وفي أبي داود: "فعزل حقنا، ثم أرسل إلي، فقلت: بنا العام غنى، وبالمسلمين حاجة، فاردده عليهم، ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر، فلقيت العباس بعدما خرجت من عند عمر، فقال: يا علي! حرمتنا الغداة شيئا لا يرد علينا أبدا، وكان رجلا داهيا.

وفي رواية أخرى: "فأتي بمال، فدعاني، فقال: خذه، فقلت: لا أريده، قال: خذه; فأنتم أحق به، قلت: قد استغنينا عنه، فجعله في بيت المال". وهذا مبني على أن ذوي القربى مصارف للخمس، لا مستحقوه كما في الصدقات، فأمر الخمس إلى الإمام، إن شاء قسم بينهم بما يرى، وإن شاء أعطى بعضا دون بعض كما يرى.

[ ص: 342 ] ثم هذا الحديث يدل على أن أبا بكر - رضي الله تعالى عنه - كان يعطيهم، وما في حديث جبير أنه ما كان يعطيهم، فمبني على عدم علمه بإعطاء أبي بكر، والإثبات مقدم على النفي، إلا أن الحافظ المنذري قال: إن حديث جبير صحيح، وحديث علي ضعيف.

* * *




الخدمات العلمية