الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
101 75 - (100) - (1 \ 17) عن الزهري، قال: أخبرنا السائب بن يزيد ابن أخت نمر، أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره: أنه قدم على عمر بن الخطاب في خلافته، فقال له عمر: ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالا، فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟ قال: فقلت: بلى، فقال عمر: فما تريد إلى ذلك؟ قال: قلت: إن لي أفراسا وأعبدا، وأنا بخير، وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين. فقال عمر: فلا تفعل، فإني قد كنت أردت الذي أردت، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيني العطاء، فأقول:

[ ص: 89 ] أعطه أفقر إليه مني، حتى أعطاني مرة مالا، فقلت: أعطه أفقر إليه مني، قال: فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " خذه فتموله، وتصدق به، فما جاءك من هذا المال، وأنت غير مشرف ولا سائل، فخذه، وما لا، فلا تتبعه نفسك ".


التالي السابق


* قوله: "ألم أحدث" : على بناء المفعول; من التحديث، والمقصود: أصدقوا فيما حدثوني به عنك أم لا؟ وإلا فلا يحسن هذا الاستفهام; لأن عمر أعلم بكونه حدث به أم لا، فكيف يستفهم عنه من لا يعلم؟

* "تلي" : - بكسر اللام - .

* "أعطيت" : على بناء المفعول.

* "العمالة" : - بالضم - : أجرة العامل.

* "فما تريد إلى ذلك؟" : أي: لأي شيء تميل إلى ذلك وتريده؟

* "وأعبدا" : - بضم الباء - : جمع عبد.

* "من هذا المال" : أي: الحلال.

* "غير مشرف" : أي: غير متطلع إليه، ولا طامع فيه.

* "فلا تتبعه" : من أتبع مخففا، قيل: دله صلى الله عليه وسلم على الأفضل مما أراده من الإيثار وترك الأخذ، فإنه وإن كان مأجورا بإيثاره على الأحوج، لكن أخذه وتصدقه بنفسه أعظم، وبه يندفع شح النفوس.

وفيه: أن من اشتغل بشيء من عمل المسلمين، له أخذ الرزق عليه، وأن أخذ ما جاء من غير السؤال أفضل من تركه; لأن فيه نوعا من إضاعة المال، كذا قيل.

قلت: هذا إذا لم يكن طامعا، فليتأمل.

* * *




الخدمات العلمية